في قوله:"مرتعها قريب" حيث وقعت هذه الجملة الاسمية خبرًا لجعلت، على أن الأصل أن يكون خبرها فعلًا مضارعًا، ولكن أصلها: يقرب مرتعها، فأقيمت الجملة الأسمية مقام الفعلية (١) فافهم.
أقول: قائله هو أبو حية النمري، واسمه المشمر بن الربيع بن زرارة بن كثير بن حباب بن مالك بن عامر بن نمير الشاعر المشهور، وأبو حية -بفتح الحاء المهملة وتشديد الياء آخر الحروف، وقد نسب هذا البيت للحكم بن عبدل الأعرج الأسدي، وليس بصحيح لأنه لا يوجد في ديوانه ويروى الشطر الثاني:
....................... … ثوبي فقمت قيام الشارب السكر
وممن رواه هكذا الجاحظ في باب العرجان من كتاب الحيوان، ونسبه لأبي حية النمري، وأنشده له هكذا:
وَكُنْتُ أَمْشي على رِجْلي مُعتدلًا … فصرتُ أَمْشِي على أُخْرى من الشَّجَر (٤)
وهما من البسيط.
قوله:"الثمل" بفتح الثاء المثلثة وكسر الميم وفي آخره لام؛ وهو النشوان؛ أي؛ السكران، وقال ابن الأثير: الثمل الَّذي أخذ منه الشرب والسكر، قوله:"السكر" بفتح السين وكسر الكاف، وهو صفة مشبهة بمعنى السكران.
(١) مجيء خبر أفعال الشروع جملة فعلية فعلها مضارع هو الغالب والشائع وربما جاء جملة اسمية. قال ابن مالك: وربما جاء خبراهما [كاد وعسى] مفردين منصوبين وخبر جعل جملة أسمية، وقال في الشرح: (وقد جاء خبر جعل جملة اسمية ثم ذكر البيت"، ينظر شرح التسهيل لابن مالك (١/ ٣٩٢، ٣٩٣). (٢) أوضح المسالك لابن هشام (١/ ٣٠٥). (٣) البيت من بحر البسيط منسوب في مراجعه إلى أبي حية النمري؛ كما نسب لعمرو بن أحمر وغيره، وانظره في الخزانة (٩/ ٣٥٩)، والحيوان (٦/ ٤٨٣) بتحقيق هارون، والتصريح (١/ ٢٠٤)، والدرر (٢/ ٣٣)، وشرح شواهد المغني للسيوطي (٩١١). (٤) انظر الحيوان (٦/ ٤٨٣) بتحقيق: هارون.