أقول: هذا تقوله العرب فيما بينهم مثل المثل، أنشده سيبويه في كتابه (٣).
وهو من الرجز المشطور.
قوله:"من لد" أصله: من لَدُنْ، وقد عرف أن في لدن إحدى عشر لغة: لَدُنْ [بفتح اللام](٤) وتثليث الدال وبالنون الساكنة، ولدن بضم اللام وفتحها وسكون الدال وكسر النون، ولَدَى بفتحتين مقصور، ولدْ بتثليث اللام وسكون الدال، [ولَدْنا بفتح اللام وسكون الدال بعدها وبالنون بعدها الألف](٥)، ولَدْ بفتح اللام وضم الدال كما في البيت المذكور.
قوله:"شولًا " الشول بفتح الشين المعجمة، وسكون الواو، وفي آخره لام ومادته تدل على الارتفاع، واختلف في المراد به [هنا](٦)، فقيل: مصدر شالت الناقة بِذَنبِهَا أي: رفعته للضراب، فهي شائل بغيرها، والجمع: شُوّل مثل: رَاكِعٌ رُكَّع، والتقدير: من لدن شالت شولًا؛ فالبيت من حذف عامل المصدر. وقيل: اسم جمع شائلة على غير القياس (٧)، وهي الناقة التي جف لبنُهَا، وارتفع ضرعُهَا وأتى عليها من نتاجها سبعة أشهر أو ثمانية، والتقدير: من لدن كانت شولًا.
فالبيت من حذف كان واسمها وبقاء خبرها، وقد يرجح الأول، فإنه (٨) يروى: من لدُ شولٍ بالخفض، ويجاب بأن التقدير: من لد شولان شول، أو زمان شول، أو كون شول؛ فحذف المضاف، والتقدير الأخير أولى، ليتحد المعنى في الروايتين، ولكن يحتاج على هذا التقدير إلى الخبر، أي: موجودًا.
فإن قدر الكون مصدر كان التامة لم يحتج إلى ذلك؛ ولكن لا يقع التوفيق بين الروايتين في التقدير (٩)، وقد يرجح الثاني برواية الجرمي: من لدُ شولا بغير التنوين؛ على أن أصله: شولاء بالمد فقصره للضرورة (١٠)، ولكن هذه الرواية تقتضي أن المحدث عنه ناقة واحدة لا نوق.
(١) ابن الناظم (٥٥)، وتوضيح المقاصد للمرادي (١/ ٣٠٩)، وأوضح المسالك لابن هشام (١/ ٢٦٣)، وشرح ابن عقيل على الألفية (١/ ٢٩٥). (٢) البيت من بحر الرجز المشطور، غير معلوم قائله، وهو في الأشباه والنظائر (٢/ ٣٦١)، وتخليص الشواهد (٢٦٠)، والخزانة (٤/ ٢٤)، والدرر (٨٧٢)، وسر صناعة الإعراب (٥٤٦)، وابن يعيش (٤/ ١٠١)، والمغني (٤٢٢). (٣) الكتاب لسيبويه (١/ ٢٦٤). (٤) و (٥) و (٦) ما بين المعقوفين سقط في (ب). (٧) ينظر اللسان مادة: (شول). (٨) في (أ): بأنه. (٩) اللسان مادة: (شول)، وشرح أبيات المغني للبغدادي (٢٨٨)، وشرح شواهد المغني للسيوطي (٨٣٧). (١٠) أجمع الصرفيون على جواز قصر الممدود للضرورة. ينظر: المنقوص والممدود للفراء (٢٨)، وأوضح المسالك =