قوله:"دريت الوفي" على صيغة المجهول، من درى يدري إذا علم، قوله:"فاغتبط" بالغين المعجمة؛ من الغبطة وهي أن يتمنى مثل حال المغبوط من غير أن يريد زوالها عنه وليس بحسد (٤)، تقول منه: غبطه بما نال أغبطه، من باب: حسب يحسب، غبطًا وغبطةً فاغتبط هو؛ كقولك: منعته فامتنع وحبسته فاحتبس، ويقال: الغبطة: حسن الحال، قوله:"حميد" يعني: محمود.
الإعراب:
قوله:"دريت": يقتضي مفعولين، الأول: هو التاء التي نابت مناب الفاعل، والمفعول الثاني هو قوله:"الوفي".
فإن قلت: لم لا يجوز أن يكون الوفي حالًا؟
قلت: لا يجوز لتعريفه، ويجوز في "العهد" الخفض بالإضافة والنصب على التشبيه بالمفعول به والرفع على الفاعلية، وتقدير الضمير أي: العهد منه أو إنابة اللام عنه أي: عهده، وأرجحها الخفض وأضعفها الرفع، قوله:"يا عرو" منادى مرخم؛ أي؛ عروة، قوله:"فاغتبط": جملة من الفعل والفاعل وهو أنت المستتر فيه، وهو في الحقيقة جواب شرط محذوف؛ أي: إذا أُعلمت وفي العهد فاغتبط.
قوله:"فإن اغتباطًا" الفاء للتعليل، و "اغتباطًا" اسم إن، وخبره قوله:"حميد"، وقوله:"بالوفاء" يتعلق به أي: بوفاء العهد، يعني: الوفاء مطلوب محمود؛ لأنه يحث على الازدياد منه،
(١) من الأفعال التي تنصب مفعولين: رأى إذا كانت بمعنى الظن أو اليقين، أما إذا كانت الرؤية من رؤية البصر فلا تقتضي إلا مفعولًا واحدًا، قال ابن مالك: "ومن المستعمل للظن واليقين رأى كقوله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (٦) وَنَرَاهُ قَرِيبًا﴾ [المعارج: ٦، ٧] … ثم ذكر البيت وقال: ويقال: رأيت الشيء بمعنى أبصرته، ورأيت رأي فلان بمعنى اعتقدته، ورأيت الصيد بمعنى أحببته في رؤيته فهذه متعدية إلى واحد"، ينظر شرح التسهيل لابن مالك (٢/ ٨١)، وابن يعيش (٧/ ٨١، ٨٢). (٢) ينظر ابن الناظم (٧٤)، وأوضح المسالك (٢/ ٣٣)، وشرح ابن عقيل (٢/ ٣١). (٣) البيت من بحر الطويل، لم ينسبه العيني إلى قائله، وهو غير منسوب في: الدرر (٢/ ٢٤٥) وشرح التصريح (١/ ٢٤٧)، وأوضح المسالك (٢/ ٣١)، وشرح شذور الذهب (٢٦٦)، وشرح قطر الندى (١٧١)، وهمع الهوامع للسيوطي (١/ ١٤٩)، وشرح التسهيل لابن مالك (٢/ ٧٩). (٤) راجع الفروق في اللغة.