الشاهد السادس والستون بعد الثلاثمائة (١) , (٢)
أما الرَّحِيلُ فَدُونَ بَعْد غَدٍ … فمَتَى كَقُول الدَّارَ تَجْمَعُنَا
أقول: قائله هو عمر بن أبي ربيعة، وهو من قصيدة ملتزمًا في رويها العين والنون، وأولها هو قوله (٣):
١ - قَال الخَلِيطُ غدًا يَصَدِّعُنَا … وأشيعه أَفَلَا يُشَيِّعُنَا
٢ - أما الرحيل ........... … .................. إلى آخره
٣ - لتشوقنا يُفِيدُ وَقَد قَتَلَتْ … علمًا بِأَن البَينَ فَاجِعُنَا
٤ - ومَقَالِهَا سِرْ لَيلَةً معَنَا … نَعْهَدْ فَإنَّ البينَ شَابعُنَا
٥ - قلتُ العُيُونُ كثيرةٌ معكم … وأظن أَن السَّيرَ مانِعُنَا
٦ - لا بل نُزُوركُمُ بأَرِضِكُمُ … فَيطَاعُ قائِلُكُم وشَافِعُنَا
٧ - قالتْ أَشيءٌ أنتَ فَاعِلُهُ … هذَا لعمركَ أم أنت خَادِعُنَا
٨ - بالله حدَّثنَا نؤمّلُهُ … وأصدَقْ فإنَّ الصدقَ واسعُنَا
٩ - اضرِبْ لنَا أجلًا نعد له … إِخْلَافَ موعدهُ يُقَاطِعُنَا
وهي من الكامل، وفيها الإضمار والحذذ (٤).
المعنى: قد كان رحيلنا ومفارقتنا لمن نحب من غد، فمتى تجمعنا الدار بعد ذلك؟ وعبر عن الغد بعبارة بعيدةٍ وهي قوله: "دون بعد غد"، أي: ففي اليوم الذي هو قيل بعد غد، وذلك اليوم هو الغد.
الإعراب:
قوله: "أما": حرف شرط وتفصيل؛ فلذلك لزم الفاء بعدها، و"دون" هاهنا بمعنى قبل كما يقال: دون النهر أسد، أي: قبل وصولك إليه؛ فالمعنى: أما الرحيل فقبل بعد غد، ويروى:
(١) أوضح المسالك (٢/ ٧٤).
(٢) البيت من بحر الطويل في ديوان عمر بن أبي ربيعة (٤٠١) بتحقيق الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد، مطبعة السعادة (١٩٦٠ م)، وبيت الشاهد في الكتاب لسيبويه (١/ ١٤١)، والمقتضب (٢/ ٣٤٩)، وشرح أبيات سيبويه (١/ ١٧٩)، وابن يعيش (٧، ٧٨)، وتخليص الشواهد (٤٥٧)، ورصف المباني (٨٩)، وشرح التصريح (١/ ٢٦٢)، والخزانة (٢/ ٤٣٩).
(٣) انظر الديوان (٤٠٢) تحقيق الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد.
(٤) قوله: وفيه الإضمار والحذذ ليس بصحيح؛ فإن فيها الحذذ فقط، وهو حذف الوتد المجموع، أما الإضمار وهو تسكين الثاني المتحرك فلا يوجد.