أقول: قائله هو كميت بن زيد الأسدي، شاعر مقدم عالم بلغات العرب، خبير بأيامها فصيح من شعراء مضر، أدرك الدولة الأموية دون العباسية، وكنيته: أبو المستهل، وكان أصلخ بالخاء المعجمة أي: أصم، والأصمعي لا يحتج به وقد احتج به الأمة، وهو من قصيدة يمدح فيها مضر ويفضلهم على أهل اليمن.
والمعنى: أتظن قريشًا جاهلين أم متجاهلين حين استعملوا أهل اليمن على أعمالهم وآثروهم على المضريين مع فضلهم عليهم، وهي من الوافر وفيه العصب والقطف.
قوله:"أجهالًا" بضم الجيم وتشديد الهاء، وهو جمع جاهل، قوله:"تقول": بمعنى تظن، قوله:"بني لؤي" أراد به قريشًا، ولؤي من [أجداد](٣) النبي ﷺ، وقد يهمز ولا يهمز، والهمزة قول الأكثرين، وهو تصغير لأي، وهو الثور الوحشي، وقال ابن دريد: من لواء الجيش وهو ممدود، وإن كان من لوى الرمل فهو مقصور (٤).
قوله:"لعمر أبيك": قسم ويمين، وقد مر غير مرة، والمعنى: أتظن بني لؤي جهالًا أو متجاهلين، وهو من تجاهل إذا أرى من نفسه الجهل وليس به.
الإعراب:
قوله:"أجهالًا" الهمزة للاستفهام، و"جهالًا": نصب على أنه مفعول ثان لقوله: "تقول" لأنه بمعنى تظن، وقوله:"بني لؤي": مفعوله الأول، قوله:"لعمر أبيك": مبتدأ، وخبره محذوف؛ أي: لعمر أبين يميني أو قسمي، وهو معترض بين المعطوف والمعطوف عليه، قوله:"أم متجاهلينا": عطف على قوله: "أجهالًا"، و"أم": معادلة للهمزة، والألف فيه للإشباع.
(١) ابن الناظم (٨٠)، وتوضيح المقاصد (١/ ٣٩٢)، وأوضح المسالك (٢/ ٧٨)، وشرح ابن عقيل (٢/ ٦٠). (٢) البيت من بحر الوافر، وهو منسوب في مراجعه إلى الكميت، ونصه في شعره: أنواما لقول بني لؤي … لعمرو أبيك أم متناومينا الكتاب لسيبويه (١/ ١٢٣)، والمقتضب (٢/ ٣٤٩)، وتخليص الشواهد (٤٥٧)، والخزانة (٩/ ١٨٣)، والدرر (٢/ ٢٧٦)، وشرح أبيات سيبويه (١/ ١٣٢)، وشرح التصريح (١/ ٢٦٣)، وابن يعيش (٧/ ٧٨). (٣) ما بين المعقوفين سقط في (أ). (٤) قال ابن دريد في الجمهرة مادة: (م أوي): "واختلفوا في اسم لُؤَي، فقال قوم: هو تصغير لأي، وقال قوم: هو تصغير اللَّوَى؛ إما لِوَى الرمل، مقصور، وإما لِواء الجيش، ممدود".