لأنها لا تعمل فيها الرقى لخبثها فكأنها صماء فهي لا يمكن منها الجواب.
وقيل (١): الضمير في صمي يعود إلى الأذن؛ أي: صمي يا أذن لما فعلت يهود، ويهود قبيلة وصمام اسم للفعل مثل نزال، وليس بنداء، واللام في:"لما فعلت" تتعلق بصمي.
الاستشهاد فيه:
في قوله:"صمام" فإنه توكيد لفظي لقوله: "صمي"، وقد علم أن التوكيد اللفظي إعادة اللفظ أو تقويته بموافقه معنى، فالأل كقوله: ادرجي ادرجي، والثاني مثل قوله:"صمام" فإنه تقوية لمعنى صمي. فافهم (٢).
الشاهد الثامن والأربعون بعد الثمانمائة (٣)، (٤)
فَإيَّاكَ إيَّاكَ المِرَاءَ فَإنَّهُ … إلى الشرِّ دَعَّاءٌ وللشَّرِّ جَالِبُ
أقول: هذا أنشده سيبويه ولم يعزه إلى أحد، وهو من الطويل.
قوله:"إياك" تحذير، ومعناه: اتق، و"المراء" بكسر الميم وبالمد، هي المجادلة؛ من ماريتة مراء، [قوله:"] (٥) دَعَّاء" على وزن فعال بالتشديد مبالغة داع.
الإعراب:
قوله:"فإياك" الفاء للعطف إن تقدمه شيء، وإياك: تحذير بمعنى اتق، وهي جملة من الفعل والفاعل، و "إياك" الثاني جميد، وقوله:"المراء": مفعوله، وقال أبو الحسن:"المراء" بمعنى أن تماري، أي: إياك مخافة أن تماري.
وقال ابن يعيش: والمراد: والمراء بحرف العطف، أو من المراء بحذف حرف الجر (٦).
وسيبويه ينصب المراء بفعل غير الفعل الذي نصب إياك كأنه قال: إياك إياك اكتفى ثم قال
(١) في (أ): ويقال. (٢) ينظر الشاهد (٨٣٧). (٣) أوضح المسالك (٣/ ٣٣٦)، والبيت موضعه بياض في (أ). (٤) البيت من بحر الطويل، ثاني بيتين للفضل بن عبد الرحمن القرشي، يقولهما لابنه القاسم بن الفضل، وأولهما قوله: ومن هذا الذي يرجو الأباعد نفعه … إذا هو لم يصلح عليه الأقارب وانظر بيت الشاهد في الكتاب لسيبويه (١/ ٢٧٩)، والمقتضب (٣/ ٢١٣)، واللسان مادة: "أيا"، والمغني (٦٧٩)، وشرح الأشموني (٣/ ٨٠)، وابن يعيش (٢/ ٢٥)، والخصائص (٣/ ١٠٢)، ورصف المباني (٢١٦)، والخزانة (٣/ ٦٣). (٥) ما بين المعقوفين سقط في (ب). (٦) انظر شرح المفصل لابن يعيش (٢/ ٢٥).