والمعنى: لتقعدن مقعد القصي إلى أن تحلفي بالله العلي أني أبو ذلك الصبي.
قوله:"بربك": يتعلق بقوله تحلفي، و"العلي": صفة الرب، قوله:"أبِي": اسم أن الضمير المتصل به، وخبره قوله:"أبو ذيالك الصبي"، قوله:"ذيا": تصغير ذا؛ لأنه أطلقها على الصبي والسلام للبعد أو للتوكيد (١)، والكاف مكسورة لخطابه المرأة و"الصبي": صفة أو عطف بيان.
الاستشهاد فيه:
في قوله:"إنِّي" فإنَّه يجوز فيه الوجهان: الكسر لأنه جواب القسم، وهو الأجود والأكثر، والفتح على معنى: أو تحلفي بربك على أني أبو ذيالك الصبي، فلما أضمر الجار فتحت إن؛ كما لو تلفظ بالجار؛ كما في قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ﴾ [لقمان: ٣٠](٢).
أقول: قائله هو رجل من عبد القيس، وقال محمَّد بن سلام الجمحي: هذا الشعر للمفضل ابن معشر البكري، وسمي مفضلًا لهذه القصيدة؛ فإنَّه فضل بها على غيره، وتسمى القصيدة المنصّفة، وأولها هو البيت المذكور، وبعده (٥).
٢ - فَدمْعِي لؤلؤٌ سَلِسٌ عُراهُ … يَخِرُّ على المهاوي ما يَلِيقُ
٣ - فودِّعْها وإنْ كانت أناةً … مُبَتَّلَةً لها خَلْقٌ أَنِيقُ
وقال صاحب الحماسة البصرية: قال عامر بن أسحم بن عدي الكندي شاعر جاهلي:
(١) في (أ): للبعيد أو للتوكيد. (٢) من مواضع كسر همزة إن: أن تقع في أول جملة جواب القسم وفي خبرها اللام كقول الله تعالى: ﴿يس (١) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (٢) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ [يس: ١ - ٣] , فإن وقعت إن جوابًا لقسم وليس في خبرها اللام جاز الكسر والفتح؛ فالكسر على أنَّه جواب القسم، والفتح على تقدير الجار أي على إرادة (على) والتقدير: على أني أبو ذيالك الصبي. ينظر شرح التسهيل لابن مالك (٢/ ٢٥). (٣) ابن الناظم (٦٤). (٤) البيت من بحر الوافر، وهو مطلع قصيدة قافية طويلة نسبت لأكثر من شاعر، فقيل هي للمفضل السكري هكذا في شرح أبيات سيبويه (٢/ ٢٠٨)، وله أو لعامر بن أسحم بن عدي في الدرر (٥/ ١٢٠)، وشرح شواهد المغني (١/ ١٧٠)، ولرجل من عبد القيس أو للمفضل بن معشر البكري في تخليص الشواهد (٣٥١)، وللعبدي في الخزانة (١/ ٢٧٧٠)، والكتاب (٣/ ١٣٦)، وانظر الجنى الداني (٣٩١)، والمغني (٥٤، ٦٨). (٥) ينظر شرح شواهد المغني للسيوطي (١٧١).