والجهالة لا تضر بالاحتجاج إذا احتج بها المتقدمون مثل سيبويه وأمثاله، فإن في كتابه أبياتًا مجهولة وقد احتج بها، [وهو من بحر البسيط](١).
قوله:"إن يغنيا": من غنى فلان عن كذا فهو غان، يعني: استغنى عنه ولا حاجة له به، وذكره في الدستور (٢) في باب فعل يفعَل مثل: علم يعلم، وقال: غني عنه غِنى فهو غنيٌّ استغنى.
الإعراب:
قوله:"إن": حرف شرط، و"يغنيا": فعل الشرط مجزوم، و"عني" صلته، قوله:"المستوطنا عدن" أصله: المستوطنان، فحذفت النُّون للإضافة، والألف والسلام فيه بمعنى الذي، أي: اللذان استوطنا عدن، قوله:"فإنني" جواب الشرط، وضمير المتكلم اسم إن، والجملة - أعني:"لست يومًا عنهما بغني" خبره، والتاء اسم ليس، وخبره قوله:"بغني"، والباء فيه زائدة والأصل: لست غنيًّا عنهما، وخففت الياء فيه للضرورة، و"يومًا" نصب على الظرف، و"عنهما" يتعلق بغني.
الاستشهاد فيه:
في قوله:"المستوطنا عدن" حيث دخلت الألف واللام في المضاف المثنَّى لكون الإضافة لفظية.
الشاهد الأربعون بعد الستمائة (٣) , (٤)
ليسَ الأخِلَّاءُ بالمُصْغِي مَسَامِعهم … إلى الوُشَاةِ ولو كانُوا ذَوي رَحِمِ
أقول: قائله مجهول، وهو -أَيضًا- من البسيط.
"الأخلاء": جمع خليل وهو الصديق الصافي، و"الوشاة" بضم الواو؛ جمع واش، وهو الساعي بنقل الكلام بين الأخلاء.
= وبيت الشاهد ثالثها. (١) ما بين المعقوفين سقط في (ب). (٢) لم نقف عليه ولم نسمع عنه. (٣) أوضح المسالك (٢/ ١٧٦). (٤) البيت من بحر البسيط، وهو مجهول القائل، ينظر شرح التسهيل لابن مالك (٣/ ٨٥)، وشرح التصريح (٢/ ٣٠)، وهمع الهوامع للسيوطي (٢/ ٤٨)، والمعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (٩١٦).