قوله:"أيان" يستفهم به عن زمان مستقبل؛ كقوله تعالى: ﴿أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾ [النمل: ٦٥] ولكنها ها هنا جازمة فلذلك جزمت نؤمنك، و"نؤمنك": جملة من الفعل والفاعل والمفعول، قوله:"تأمن" أَيضًا مجزوم؛ لأنه جواب، وهي -أَيضًا- جملة من الفعل والفاعل.
وقوله:"غيرنا": كلام إضافي مفعول تأمن, قوله:"وإذا": ظرف يتضمن معنى الشرط، و"لم تدرك": جملة من الفعل والفاعل؛ فعل الشرط، و"الأمن" بالنصب مفعول لم تدرك، وقوله:"منا": جار ومجرور في محل النصب على الحال من الأمن, قوله:"لم تزل حذرا": جواب الشرط، والضمير المستتر في: لم تزل اسمه، و"حذرا": خبره.
الاستشهاد فيه:
في قوله:"أيان" حيث جاءت جازمة ها هنا فجزمت قوله: "نؤمنك"، قال أبو حيان: وزعم بعض شيوخنا أن الجزم بأيان غير محفوظ، قال: لكن القياس يقتضي جواز ذلك؛ لأن معنى أيان ومتى واحد (١)، وما زعمه ليس بصحيح بدليل هذا البيت. فافهم (٢).
الشاهد الثامن بعد المائة والألف (٣) , (٤)
صَعْدَةٌ نَابتَةٌ في حَايِرٍ … أينَمَا الرِّيحُ تُمَيِّلْها تَمِلْ
أقول: قائله هو الحسام بن ضرار الكلبي (٥) كذا قاله الجوهري (٦)، ويقال: قائله هو كعب بن جعيل (٧) يصف امرأة، شبه قدها بالقناة، وقبله:
قوله:"صعدة" بفتح الصاد وسكون العين وفتح الدال المهملات، وهي قناة مستوية لا تنبت
(١) انظر التذييل والتكميل (٥) باب عوامل الجوم (مخطوط). (٢) ينظر شرح التسهيل لابن مالك (٤/ ٧١). (٣) ابن الناظم (٢٧٢)، وشرح ابن عقيل (٤/ ٢٩). (٤) البيت من بحر الرمل نسب إلى شاعرين كما في الشرح، وانظره في الكتاب (٣/ ١١٣)، والمقتضب (٢/ ٧٥)، والخزانة (٣/ ٤٧)، والدرر (٥/ ٧٩)، وشرح أبيات سيبويه (٢/ ١٩٦)، والإنصاف (٦١٨). (٥) كان أميرًا على الأندلس من قبل هشام بن عبد الملك، وكان شجاعًا فصيحًا شاعرًا مات مقتولًا (١٣٠ هـ) لتعصبه لليمانية. الأعلام (٢/ ١٧٥). (٦) البيت في الصحاح للجوهري مادة: "صعد" لكنه لم ينسبه كما قال العيني، وليس في مادة: "حوى أو حيي". (٧) شاعر تغلب مخضرم عرف في الجاهلية والإِسلام وشهد صفين مع معاوية وكان يمدحه ويمدح أهل الشَّام، (ت ٥٥ هـ). الأعلام (٥/ ٢٢٥).