الفحشاء من كان منهم منا ولا من كان منهم من سوائنا، أي: ليس فيهم أحد ينطق الفحشاء.
ومعنى:"منا" أي: من أجلنا، ومنا: يتعلق بإذا جلسوا، "وإذا جلسوا": يتعلق بينطق، فكأنه قال: ولا ينطق الفحشاء إذا جلسنا من أجلنا، ولا يحتمل أن يكون إذا جلسوا متعلقًا بمنا؛ لأنه يصير المعنى: إنهم لا يكونون منهم حتى يجلسوا، قوله:"ولا من سوائينا" أشبع كسرة الهمزة فيه فتولدت منه الياء.
الاستشهاد فيه:
أنه استشهد به سيبويه أن سوى غير ظرف متصرف حيث قال [في كتابه](١) في باب ما يحتمل الشعر: وجعلوا ما لا يجري في الكلام إلا ظرفًا بمنزلة غيره من الأسماء، وذلك كقول المرار العجلي:
ولا ينطق الفحشاء ................ ............................. إلخ (٢)
فهذا نص منه على أن:"سوى" ظرف ولا تفارق الظرفية إلا في الضرورة.
وقال الزيادي: لا حجة لسيبويه في هذا البيت؛ لأن من تدخل على عند، وعند لا تكون إلا ظرفًا.
وقال النحاس: الحجة لسيبويه [إنه](٣) إنما جاء بهذا البيت ليدلك على أن الشاعر لما اضطر جعل سوى بمعنى غير، فيجوز على هذا أن يقال: رجل سواؤك، والجيد: هذا رجل سواءك بالنصب، وقد قال سيبويه في غير هذا الباب وهذا لا يكون اسمًا إلا في الشعر؛ يعني سواء (٤).
الشاهد الثمانون بعد الأربعمائة (٥) , (٦)
حَاشَا أَبِي ثَوْبَانَ إِنَّ أَبَا … ثوبانَ ليس ببكمةِ فَدْمٍ
أقول: قائله هو الجُمَيحُ، واسمه مُنقِذُ بن الطّمّاح الأسدي (٧)، وكان من فرسان بني أسد
= (ت ٢٩٨ هـ)، ينظر الأعلام (٧/ ١٣٣). (١) ما بين المعقوفين سقط في (أ). (٢) الكتاب لسيبويه (١/ ٤٠٨). (٣) ما بين المعقوفين سقط في (ب). (٤) ينظر الكتاب (١/ ٤٠٨). (٥) ابن الناظم (١٢٣). (٦) البيت من بحر الكامل، وهو للجميح الأسدي (شاعر جاهلي) من قصيدة يتحدث فيها عن شجاعته، ويرثي نضلة بن الأشد، وكان بنو فقعس قد قتلوه، يقول له: يا نضل للضيف الغريب، وللجار المضيم، وحامل الغرم، وانظر بيت الشاهد في شرح الأشموني بحاشية الصبان (٢/ ١٦٥)، وابن يعيش (٢/ ٨٤)، والهمع (١/ ٢٣٢)، وشرح شواهد المغني (١٢٧)، والدرر (١٩٦، ١٩٧)، وشرح أبيات المغني للبغدادي (٣/ ٨٨، ٨٩)، وتذكرة أبي حيان (٤٤٥). (٧) هو فارس وشاعر جاهلي قُتل يوم جبلة عام مولد النبي ﷺ (٥٣ قبل الهجرة)، ينظر الأعلام (٧/ ٣٠٨).