ولا ينْطِقُ الفَحْشَاءَ مَنْ كَانَ مِنْهُمُ … إذا جلَسُوا مِنَّا ولا مِنْ سوائينا
أقول: قائله هو المرار بن سلامة العجلي (٣)، وهو من الطويل.
قوله:"الفحشاء" هي الفاحشة، وكل شيء جاوز حده فهو فاحش، من فحش يفحش بالضم فيهما فحشًا بضم الفاء.
الإعراب:
قوله:"ولا ينطق" الواو للعطف إن كان قبله شيء، وإلا فهي للاستفتاح، ولا ينطق مضارع منفي بلا.
وقوله:"الفحشاء": منصوب على إسقاط حرف الجر، أو على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، أي: لا ينطق نطق الفحشاء، قال تعالى: ﴿وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ﴾ [الفتح: ١٢].
وإن شئت جعلت الفحشاء مفعول:"ينطق" لا على حذف مضاف، ولا على حذف حرف الجر؛ لأن النطق بالفحشاء فحشاء (٤)، ويجوز أن يضمن ينطق معنى يذكر، ويكون المعنى: ولا يذكر الفحشاء.
قوله:"من كان منهم""من" في محل الرفع لأنه فاعل: "لا ينطق"، وهي موصولة، وقوله:"كان منهم" صلته، واسم كان مستتر فيه، وخبره قوله:"منهم"، قوله:"إذا جلسوا" العامل في إذا ينطق.
قوله:"منا" يتعلق بمحذوف، في موضع الحال من هم في قوله:"منهم"، والعامل فيها هو العامل في صاحبها، والتقدير: ولا ينطق الفحشاء من كان منهم منا ولا من سوائنا إذا جلسوا، فقدم وأخَّر.
وقال النحاس: قال محمد بن الوليد (٥) في معنى هذا البيت: كأنه ذكر قومه فقال: لا ينطق
(١) ابن الناظم (١٢٢)، شرح ابن عقيل (٢/ ٢٢٧). (٢) البيت من بحر الطويل، وهو للمرار بن سلامة العجلي، وهو في الفخر بالعفة وحفظ اللسان، وانظر بيت الشاهد في الكتاب لسيبويه (١/ ٣١)، ونسب لرجل من الأنصار في الكتاب لسيبويه أيضًا (١/ ٤٠٨)، وانظره في الإنصاف (١/ ٢٩٤)، والمقتضب (٤/ ٣٥٠)، وشرح أبيات سيبويه (١/ ٤٢٤)، والخزانة (٣/ ٤٣٨). (٣) ينظر المعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (٩٦٠). (٤) في (أ): فحش. (٥) هو محمد بن الوليد بن ولاد التميمي، نحوي من أهل مصر، صنف: المقصور والممدود، والانتصار وغيرهما: =