واحتجوا -أيضًا- بهذا البيت وأمثاله، فإن الشاعر فيه أناب حرف الجر عن الفاعل ونصب سيدًا على ما ذكرناه (١).
الشاهد الرابع عشر بعد الأربعمائة (٢)، (٣)
وَنُبِّئْتُ عَبدَ الله بِالجَوِّ أَصْبَحَتْ … كِرَامًا مَوَالِيهَا لَئِيمًا صَمِيمُهَا
أقول: قائله هو الفرزدق.
وهو من الطويل.
قوله:"نبئت لا أي أخبرت، وأراد بعبد الله اسم قبيلة لا اسم علم لمفرد، قوله: "بالجو" بفتح الجيم وتشديد الواو وهو اسم لثمان مواضع:
الأول: جو اسم لليمامة كانت تسمى جوا ثم سميت باليمامة.
الثاني: جو الحضارم من نواحي اليمامة -أيضًا-.
الثالث: جو الجوادة في أرض طيء.
والرابع: هو سويقة من نواحي المدينة كانت لآل علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه-.
والخامس: جو [موضع](٤) بعمان.
السادس: جو قرية بأجداء لبني ثعلب بن جدعاء وبني زهير.
والسابع: جو أثال على جادة النباح في ديار بني عبس.
والثامن: الجو اسم لما اتسع من الأودية، هكذا ذكره في المشترك (٥).
قلت: الجو ما بين السماء والأرض -أيضًا- والظاهر أن الفرزدق أراد به جو اليمامة، قوله:
(١) منع البصريون نيابة غير المفعول به مع وجوده تقدم أو تأخر، وما ورد ظاهره نيابة غير المفعول به حملوه على الضرورة، وأما القراءات القرآنية في قوله تعالى: ﴿لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ وقوله نجي المؤمنين "فجعلوا: "قومًا" معمول لفعل مضمر يدل عليه: "يجزي" وقراءة نجي" شاذة. ينظر الارتشاف (٢/ ٣١)، وشفاء العليل (١/ ٤١٩)، وشرح الجمل لابن عصفور (١/ ٥٣٧)، وشرح المقرب لابن عصفور (١/ ٦٠١)، د. علي فاخر، وابن يعيش (٧/ ٧٥)، وقضايا الخلاف النحوية والصرفية في كتاب شفاء العليل للسلسيلي (٣٢٨) وما بعدها (دكتوراه بالأزهر، د. عبد العزيز فاخر). (٢) أوضح المسالك (٢/ ١٥٣). (٣) البيت من بحر الطويل نسب للفرزدق، وليس في ديوانه، وينظر شرح التصريح (١/ ٢٩٣)، والكتاب لسيبويه (١/ ٣٩)، وفي شرح أبيات سيبويه للسيرافي (١/ ٤٢٦). (٤) ما بين المعقوفين سقط في (أ). (٥) ينظر معجم قبائل العرب القديمة والحديثة (١/ ٢١٩) لعمر كحالة.