أقول: قائله هو رؤبة بن العجاج، وهو من الرجز المسدس.
قوله:"شعري" بمعنى: علمي من الشعور، قال ابن فارس: شعرت بالشيء إذا فطنت له (٣)، و "الحنيف" هو المسلم ها هنا، وله معان أخر: المختون والناسك، والمستقيم الطريقة، والمائل إلى الدين المستقيم، ويقال: فلان متحنف؛ أي: يتحرى أقوام بالطريق، وفلان يتحنف؛ أي: يذهب مذهب أبي حنيفة (٤)﵁, قوله:"أشاهرن" من شهر سيفه: انتضاه فرفعه؛ يعني: أبرزه من غمده.
الإعراب:
قوله:"يا ليت" كلمة (يا) في مثل هذا الموضع تكون لمجرد التنبيه لدخولها على ما لا يصلح للنداء (٥)، وقد يقال: إنها على أصلها، والمنادى محذوف تقديره: يا قوم ليت شعري "أي: ليتني أشعر، فأشعر هو الخبر، وناب شعري الذي هو المصدر عن أشعر، ونابت الياء في شعري عن اسم ليت الذي في قولك: ليتني، وأشعر: من الأفعال المتعدية، وقد يعلق فيقال: ليت شعري أزيد قام أم محمد؟ ومعنى التعليق إبطال عمله في اللفظ وإعماله في الموضع"(٦)، فيكون موضع الاستفهام وما بعده نصبًا بالمصدر.
قوله:"حنيفًا" نصب على أنه مفعول المصدر المضاف إلى فاعله, قوله:"منكم" في محل النصب على أنها صفة لـ (حنيفًا)، والتقدير: ليتني أشعر حنيفًا كائنًا منكم.
قوله:"أشاهرن" اسم فاعل دخلت عليه همزة الاستفهام ونون التوكيد، وهو في معنى المستقبل؛ لأن تقدير الكلام: ليتني أشعر حنيفًا مسلمًا منكم يشهر بعدنا السيوف، و "بعدنا" كلام إضافي نصب على الظرف، و "السيوفا" نصب بقوله: أشاهرن.
(١) توضيح المقاصد (١/ ٤٣) وروايته: شعري عندكم، والبيت غير موجود في أوضح المسالك. (٢) البيت من بحر الرجز لرؤبة بن العجاج في ديوانه المسمى: مجموع أشعار العرب (١٧٩) (ملحق الديوان). (٣) مجمل اللغة، مادة: "شعر". (٤) هو النعمان بن ثابت، التيمي بالولاء، الكوفي، أبو حنيفة، إمام الحنفية وأحد الأئمة الأربعة، له مؤلفات عديدة (ت ١٥٠ هـ). ينظر الأعلام (٨/ ٣٦). (٥) ينظر شرح التسهيل لابن مالك (٣/ ٣٩٠)، مغني اللبيب (٢/ ٣٧٤). (٦) ينظر شرح التسهيل لابن مالك (٢/ ٨٨)، أوضح المسالك (٦/ ٣١١) وما بعدها ..