وبايَعتُ أقوامًا وَفَيتُ بعَهْدِهم … وَببَّةٌ قد بايعته غيرَ نَادِمٍ
أقول: قائله هو الفرزدق، وقد ترجمناه (٣).
وهو من الطويل.
قوله:"بايعت" من المبايعة، وهي المعاقدة والمعاهدة، كأن كل واحد من المبايعين باع ما عنده من صاحبه، وأعطاه خالصة نفسه، وطاعته، ودخيلة أمره.
الإعراب:
قوله:"وبايعت": جملة من الفعل والفاعل، و"أقوامًا" مفعوله، قوله:"وفيت بعهدهم": جملة حالية بتقدير قد، أي: حال كوني قد وفيت بعهدهم.
فإن قلت: كيف يكون وافيًا بعهدهم في حال المبايعة، والوفاء لا يكون إلا بعدها.
قلت: هذه من الأحوال المنتظرة المقدرة، والتقدير: مقدر الوفاء على مبايعتي.
قوله:"وببة" مبتدأ، والجملة أعني قوله:"قد بايعته" خبر، قوله:"غير نادم" كلام إضافي نصب على الحال من الضمير المرفوع من بايعته، وأراد الفرزدق بببة هذا عبد الله بن الحرث، قال الجوهري: ببة: لقب عبد الله بن الحرث والي البصرة، قال الفرزدق، وأنشد البيت المذكور (٤).
الاستشهاد فيه:
في قوله:"ببه" والكلام فيه كالكلام في الذي قبله، وهو ظاهر.
الشاهد الحادي والتسعون (٥) , (٦)
أنا اقْتَسَمْنَا خُطَّتَينَا بَيْنَنَا … فَحَمَلْتُ بَرَّةَ واحتَمَلْتَ فَجَارِ
أقول: قائله هو النابغة الذبياني، واسمه: زياد بن معاوية، وقد ترجمناه فيما مضى (٧) وهو
(١) توضيح المقاصد للمرادي (١/ ١٧٩). (٢) البيت من بحر الطويل، وقد نسب للفرزدق، وبحثنا عنه طويلًا فلم نجده في ديوانه، وانظره في لسان العرب، مادة: "ببب". (٣) سبقت ترجمته في الشاهد (١٠) من هذا الكتاب. (٤) لم نعثر عليه في الصحاح للجوهري، مادة: "ببب". (٥) توضيح المقاصد للمرادي (١/ ١٨٥). (٦) البيت من بحر الكامل، وهو للنابغة الذبياني، في ديوانه (٥٩) ط. دار صادر، وانظر ابن يعيش (٤/ ٥٣)، والتصريح (١/ ١٢٥). (٧) راجع ترجمته في الشاهد رقم (٥) من هذا الكتاب.