الشاهد التاسع والعشرون بعد التسعمائة (١)، (٢)
يَا ابْنَ أُمِّي وَيا شُقَيّقَ نَفْسِي … أَنْتَ خَلَّيتَنِي لدَهْرٍ شَدِيدِ
أقول: قائله هو أبو زبيد (٣)، واسمه: حرملة بن المنذر (٤)، وقد ترجمناه فيما مضى، وهذا البيت من شعر يرثي به أخاه، وأوله:
١ - إِنَّ طُولَ الحياةِ غَيرُ سعُودِ … وَضَلَالٌ تَأْمِيلُ نَيلِ الخُلُودِ
٢ - عُلِّلَ المَرْءُ بِالرَّجَاءِ ويُضْحِي … غرَضًا للمَنُونِ نَصْبَ العُودِ
٣ - كلّ يَوْمٍ تَرْمِيهِ منهَا برَشْقٍ … فَمُصِيبٌ أَوْصَافَ غَيْرَ بَعِيدٍ
٤ - كُل مَيْتٍ قَدْ اغْتَفَرْتُ فَلَا … أوْجَعَ منْ والِدٍ ولَا مولودِ
٥ - غيرَ أَنَّ اللَّجْلَاجَ هَزَّ جَنَاحِي … يَوْمَ فَارَقْتُهُ بِأَعْلَى الصَّعِيدِ
٦ - عن يَمِيِن الطرِيقِ عِنْدَ صَدّى … حَرَّانَ يَدْعُو بالوَيلِ غيرَ مَقُودِ
٧ - صَاديًا يسْتَغِيثُ غَيْرَ مُغَاثٍ … ولَقَدْ كَانَ عصْرَةَ المنْجُودِ
٨ - يا ابن أمي ................ … ........................ إلخ
وهي من الخفيف.
قوله: "شقيق": تصغير شقيق، تصغير ترخيم [معناه] (٥) يا أخا نفسي، قوله: "لدهر" الدهر: الأمد الممدود، والمعنى: يا ابن أمي ويا أخا نفسي أنت خليتني لأمر شديد أكابده وحدي وقد كنت لي ظهرًا عليه وركنًا أستند إليه، فأوحشني فقدك وأتلف حالي بعدك.
الإعراب:
قوله: "يا ابن أمي" يا حرف نداء، و"ابن أمي": منادى مضاف، و "يا شقيق نفسي": عطف عليه، قوله: "أنت": مبتدأ و"خليتني": جملة من الفعل والفاعل والمفعول في محل
(١) ابن الناظم (٢٢٦)، وقافيته تروى فيه: "شديد"، وتوضيح المقاصد (٣/ ٣١٣)، وأوضح المسالك (٤/ ٤٠).
(٢) البيت في الكتاب لسيبويه (٢/ ٢١٣)، وابن يعيش (٢/ ١٢)، وشرح التسهيل لابن مالك (٣/ ٤٠٦)، وشرح التصريح (٢/ ١٧٩)، وشرح الأشموني (٣/ ١٥٧).
(٣) انظر القصيدة كاملة في ديوان أبي زبيد الطائي (٤٢)، جمع وتحقيق: د. نوري القيسي، بغداد (١٩٦٧ م)، وقوله يرثي أخاه، صحته: يرثي ابن أخته.
(٤) شاعر جاهلي من المعمرين، عاصر الخلفاء الراشدين الأربعة، ورثى عثمان وعليًّا.
(٥) ما بين المعقوفين زيادة عن (أ، ب): للتوضيح.