قوله:"بداهية" الداهية: النازلة بالقوم والخطب الشديد، قوله:"سوقة" بضم السين المهملة وسكون الواو وفتح القاف؛ واحدة السوق وهم أصحاب السوق، واحدهم سوقي، وقال اللخمي: السوقة: كل من كان دون الملك، وجمعها: سوق، وقيل: هم أوساط الناس، و "الملك": ذو الملك، وليس على الفعل، ولكنه على النسب، يقول: يا حارث لا تتعرض لإنزال هذه الداهية بي ولا تتمادى على ما فعلت منها، فإن فعلت رميت منك بداهية عظيمة.
الإعراب:
قوله:"يا حار" يا حرف نداء، وحار: مندى مرخم، وأصله: يا حارث، قوله:"لا أرمين": على صيغة المجهول مجزوم بالنهي، ويحتمل أن يكون دعاء، قوله:"بداهية": يتعلق به، قوله:"منكم" في محل الجر لأنها صفة لداهية، والتقدير: بداهية كائنة منكم (١)، قوله:"لم يلقها": فعل ومفعول و "سوقة": فاعله، والجملة في محل الجر لأنها صفة لداهية، والتقدير: بداهية غير لاقٍ لها قبلي سوقة ولا ملك.
الاستشهاد فيه:
في قوله:"يا حار" حيث رخم على لغة من يحذف آخر الاسم ويبقي الباقي على ما كان عليه من كسر الراء. فافهم (٢).
الشاهد الحادي والسبعون بعد التسعمائة (٣)، (٤)
جَارِيَ لا تَسْتَنْكْرِي عَذِيرِي … سَيْرِي وَإِشْفَاقِي على بَعِيرِي
أقول: قائله هو العجاج والد رؤبة، وبعده (٥):
(١) قوله: "منكم" في محل جر صفة لداهية، ليس بصحيح، والصواب أنه حال لتقدمه. (٢) خلاصة الأمر أنه يوجد في الاسم المرخم لغتان: الأولى: أن تنوي رد المحذوف فتبقي الاسم بعد الحذف منه على حركة آخر حرف قبل المحذوف من الاسم. الثانية: أن تغير حركة آخر حرف بعد المحذوف إلى الحكم الإعرابي الجديد وتسمى اللغة الأولى لغة من ينوي رد المحذوف، وتسمى الثانية: لغة من لم ينو رد المحذوف، وشاهدنا هنا على اللغة الأولى وهي لغة من ينوي رد المحذوف، وينظر في هاتين اللغتين: شرح التسهيل لابن مالك (٣/ ٤٢٤) وما بعدها، وشرح المقرب للدكتور علي فاخر (١٢١٤) من القسم الثاني (المنصوبات) وما بعدها. (٣) ابن الناظم (٢٣١)، وتوضيح المقاصد (٤/ ٣٤)، وأوضح المسالك (٤/ ٥٥). (٤) البيتان من بحر الرجز المشطور، وهما مطلع أرجوزة طويلة للعجاج والد رؤبة يتحدث فيها عن أغراض شتى، ديوانه (١٨٤)، وانظر الشاهد في المقتضب (٤/ ٢٦٠)، والخزانة (٢/ ١٢٥)، وابن يعيش (٢/ ٢٣١)، وشرح التصريح (٢/ ١٨٥). (٥) ديوان العجاج (١٨٤)، تحقيق: سعدى ضناوي، ط. دار صادر بيروت.