وقيل: يجوز أن تكون "ما" هي المهيئة لدخول "رب" على الجملة (١).
قلتُ: يلزمه في ذلك حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه؛ إذ التقدير حينئذ: رب تكره النفوس شيئًا من الأمر.
وقال النحاس في شرح أبيات سيبويه (٢): ويجوز أن تكون "ما" في [هذا](٣) البيت فاصلة، قوله:"من الأمر" صفة أخرى بعد صفة، قوله:"له فرجة": جملة ابتدائية، صفة أخرى -أيضًا-، والضمير في:"له" يرجع إلى "ما"، أي: لهذا الشيء المكروه انفراج.
الاستشهاد فيه:
على وقوع "ما" موصوفة بمعنى شيء في قوله: "ربما تكره النفوس"(٤)، وقال صاحب الإقليد:"ما" حقها أن تكتب مفصولة؛ لأن "ما" اسم نكرة موصوفة لا زائدة؛ كما في قوله تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ١٥٩](٥)، "وما" ها هنا ليست بموصولة؛ لأن الموصول معرفة، و "رب" لا تدخل إلا على النكرات (٦).
أقول: قائله هو حسان بن ثابت شاعر النبي ﷺ، ويقال: قائله هو بشير بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، ويقال: الأصح أنه لكعب بن مالك الأنصاري الخزرجي (٩)، اختلفوا في
(١) وحينئذ تكون "ما" الكافة عن عمل رب فيما بعد. (٢) انظر الكتاب المذكور (٢٢٠)، تحقيق: د. وهبة متولي، ونصه: "هذا البيت حجة بأن ما نكرة، ولولا ذلك لم تقع رب عليها، وكأنه أراد: رب شيء تكرهه النفرس، والشيء نكرة". (٣) ما بين المعقوفين سقط في (ب). (٤) وهي نكرة موصوفة مجردة عن معنى الحرف. المغني (٢٩٦، ٢٩٧). (٥) وتمامها: ﴿لِنْتَ لَهُمْ ........... ﴾ [آل عمران: ١٥٩]. (٦) قال سيبويه: "ورب لا يكون ما بعدها إلا نكرة" ثم ذكر بيت الشاهد. الكتاب لسيبويه (٢/ ١٠٨، ١٠٩)، وينظر المغني (١٣٦)، وهمع الهوامع للسيوطي (١/ ٢٨)، وشرح الأشموني (١/ ١٥٤). (٧) توضيح المقاصد (١/ ٢٢٢) وروايته فيه: فكفى بنا فضلًا .......... … .................................. (٨) البيت من بحر الطويل، وليس في ديوان حسان في كثير من طبعات ديوانه (دار المعارف، ودار الكتب العلمية) وبيت الشاهد في: الكتاب لسيبويه (٢/ ١٠٥)، والخزانة (٢/ ٥٤٥)، وهمع الهوامع للسيوطي (١/ ٩٢)، والمقرب (١/ ٢٠٣)، وشرح شواهد المغني (٣٣٧)، وسر الصناعة (١٣٥)، والمغني (٣٢٨، ٣٢٩، ١٠٩) وابن يعيش: هامش (٤/ ١٢). (٩) ديوانه (١٨٩).