أقول: قائله هو رؤبة بن العجاج الراجز، وهكذا أنشده سيبويه في كتابه (٣)، وقال النحاس: وإن رفعته فحسن؛ يعني: كأن وريداه (٤)، وذكر الجوهري الروايتين، فقال: كأن وريداه رشاء خلب، ويروى: وريديه؛ على إعمال كأن وترك الإضمار (٥)، وقال النحاس في شرح أبيات سيبويه: والوريدان: عرقان في الرقبة، والرشاء: الحبل.
قال أبو إسحاق: الخُلْب: الليف (٦)، وقال غيره: الخلب: البئر البعيدة القعر.
قلت: الوريدان: عرقان يكتنفان صفحتي العنق في مقدمها متصلان بالوتين، يردان من الرأس إليه، وقيل: سمي وريدًا؛ لأن الروح ترده، "والرشاء" بكسر الراء وبالد، وهو الحبل، وجمعه: أرشية، وهو في البيت مثنى فهو بألفين، ولكن يوجد في النسخ بالإفراد، والخلب بضم الخاء المعجمة وضم اللام، ويجوز تسكين اللام للتخفيف، وقد روي بذلك، ويقال لليفة: خُلبة بضمتين، وخُلْبة بالإسكان، وذلك قياس في نظائره.
الإعراب:
قوله:"كأن" بتسكين النون، مخففة من كَأَنَّ الثقيلة, قوله:"وريديه" بالنصب اسم كأن، وخبره قوله:"رشاء خلب"، و"رشاء": مضاف إلى خلب، وفي رواية الرفع يكون أهمل عمل كأن (٧)
(١) ابن الناظم (٧٠)، وأوضح المسالك لابن هشام (١/ ٣٧٥). (٢) البيت من بحر الرجز المشطور في ملحق ديوان رؤبة (١٦٩)، يصف إبلا يسوقها وحمل شديد، وهو المقصود بقوله: "كأن وريديه" وقبله وهما بيتان ثالثهما الشاهد يقول: يسوقها أعيس هذ ربب … إذا دعاها أقبلت لا تتئب والقافية فيها جاء ساكنة، وانظر بيت الشاهد في الكتاب (٣/ ٣٦٤، ٣٦٥)، والمقرب (١/ ١١٠)، واللسان مادة (خلب) (أنن)، والتصريح: (١/ ٢٣٤)، والخزانة (١٠/ ٣٩١، ٣٩٣)، وابن يعيش. (٨/ ٨٣). (٣) الكتاب لسيبويه (٣/ ٣٦٤، ٤٦٥). (٤) النص غير موجود بالنسخة التي حققها د. وهبة متولي، وقد ذكر في المقدمة أنه لم يعثر على الكتاب الأصلي للنحاس الذي شرح فيه أبيات سيبويه. (٥) الصحاح للجوهري مادة: (خلب). (٦) ينظر الصحاح للجوهري مادة: (خلب). (٧) إذا خففت (كأن) فهي مثل (أنْ) المخففة في شروطها وإعمالها إلا إن (كأن) يجوز أن يكون اسمها وخبره مفردين. ينظر شرح التسهيل لابن مالك (٢/ ٤٥)، ورصف المباني (٢٨٦)، وابن يعيش (٨/ ٨٢).