في قوله:"لِمَضُوفَةٍ" فإن القياس فيه: مضيفة، وهذا البيت عند سيبويه شاذ في القياس والاستعمال، فهو في الشذوذ كالقود والقصوى، فإن القياس فيهما: قاد والقصيا، فافهم (١).
الشاهد الثالث والسبعون بعد المائتين والألف (٢)، (٣)
إذا لم يَكُنْ فِيكُنْ ظِلٌّ ولا جنى … فأبْعَدَكُن اللهُ منْ شيرات
أقول: أقف على اسم قائله، وهو من الطويل.
قوله:"ولا جنى" بفتح الجيم، وهو ما يجتنى من الشجر.
الإعراب:
قوله:"إذا" للشرط، وقوله:"لم يكن فيكن ظل": جملة وقعت فعل الشرط، و "ظل": مرفوع لأنه اسم كان، و "فيكن" مقدمًا خبره، وقوله:"ولا جنى": عطف على ظل، والخطاب هاهنا للأشجار التي لا ظل لها ولا ثمرة، قوله:"فأبعدكن الله": جملة من الفعل والفاعل والمفعول وقعت جوابًا للشرط.
الاستشهاد فيه:
في قوله:"من شيرات" بفتح الشين المعجمة والياء آخر الحروف، فإن أصلها شجرات فأبدلت الياء من الجيم، فلذلك لم تعل هذه الياء لأنها بدل (٤).
(١) قال ابن يعيش: "وأما قول الشاعر (البيت) ففيه تقوية لمذهب أبي الحسن؛ لأنه جارٍ على قياسه، ومضوفة هاهنا من صفقة إذا نزلت عنده، والمراد هاهنا ما ينزل من حوادث الدهر ونوائب الزمان، أي: إذا جاري دعاني لهذا الأمر شمرت عن ساقي وقمت في نصرته، وهذ البيت عند سيبويه شاذ في القياس والاستعمال، وهو في الشذوذ كالقود والقصوى، لأن القود شاذ والقياس: قاد كباب، والقصوى أيضًا شاذ، والقياس: القصيا كالدنيا، وكان القياس في المضوفة: المضيفة فاعرفه". شرح المفصل (١٠/ ٨١، ٨٢)، وانظر الحديث عن هذا الأمر في الكتاب لسيبويه (٤/ ٣٤٨)، وإن كان لم ينشد البيت ولم يذكر الكلمة، وقال ابن عصفور: "وأما قوله (البيت) فقلب الياء من "مضوفة"، واوًا وأقر الضمة مع كون الياء تلي الطرف؛ لأن الأصل مَضْيُفة، لأنه من ضاف يضيف ثم نقلت الضمة إلى الساكن قبلها فصار: "مَضُيفة" فجاءت الياء ساكنة بعد ضمة ثم قلبت الياء واوًا فشاذ لا يعرج عليه" الممتع (٤٧٠). (٢) توضيح المقاصد (٦/ ٥٤). (٣) البيت من بحر الطويل، وقد نسب في مراجعه لشاعر يدعى جعثنة البطائي، وهو في سمط اللآلئ (٨٣٤)، والأشموني (٤/ ٣١٨). (٤) قال الرضي: "وقد تبدل الياء من الجيم، يقال: شيرة، وشييرة، في شجرة، وشجيرة". شرح الشافية (٣/ ٢١٣).