ألا تَسْأَلانِ المَرءَ مَاذَا يُحَاولُ … أَنَحْبٌ فَيقضَى أم ضَلالٌ وبَاطِلُ
أقول: قائله هو لبيد بن ربيعة العامري، وهو من قصيدة لامية من الطويل ذكرناها في أول الكتاب مع ترجمة لبيد (٣).
قوله:"ألا" كلمة للتنبيه، نبه بها السامع على شيء يأتي، وقيل: تدل على تحقق ما بعدها قوله: "تسألان" خطاب للاثنين، وأراد به الواحد؛ لأن من عادة العرب أن يخاطبوا الواحد بصيغة الاثنين؛ كما في قوله تعالى: ﴿أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ﴾ (٤)[ق: ٢٤] وكأنهم يريدون بها التكرار وللتأكيد فكأن المعنى: ألا تسأل تسأل.
قوله:"ماذا يحاول" أي: أي شيء يطلب، قال الجوهري: حاولت الشيء إذا أردته (٥) قوله: "أنحب" النحب بفتح النون وسكون الحاء المهملة وفي آخره باء موحدة؛ وهو النذر.
تقول: منه نحبت أنحب بالضم.
المعنى: هلا تسأل المرء ماذا يطلب باجتهاده في الدنيا وتتبعه إياها. أنذر أوجب على نفسه أن لا ينفك عن طلبه فهو يسعى في قضائه أم هو في ضلال وباطل؟
الإعراب:
قوله:"تسألان": جملة من الفعل والفاعل، و "المرء" مفعوله، وكلمة "ما" استفهام معلقة لفعل السؤال، إجراءً له مجرى مسببه وهو العلم (٦)، مثله قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ﴾ [الذاريات: ١٢] وهو مبتدأ، و "ذا": خبرها، ويجوز العكس على الخلاف، و "ذا" موصول، و "يحاول": صلته، والعائد محذوف، والتقدير: ما الشيء الذي يحاوله؟
= في الإفراد والتذكير وفروعهما". ينظر (٣٤). (١) ابن الناظم (٣٥)، وأوضح المسالك لابن هشام (١/ ١١٣). (٢) البيت من بحر الطويل، وهو للبيد في ديوانه (١٣١) ط. دار صادر، وهو في الخزانة (٦/ ٤٥)، ومعاني القرآن للفراء (١/ ١٣٩)، والكتاب (١/ ٤٠٥)، وابن يعيش (٣/ ١٤٩)، واللسان مادة: "ذو"، وابن الشجري (٢/ ١١٧، ٣٠٥). (٣) ينظر الشاهد رقم (١) من هذا الكتاب. (٤) وتمامها: ﴿كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ﴾ [ق: ٢٤]. (٥) الصحاح للجوهري، مادة: "حول". (٦) ينظر الشاهد رقم (١٣). (٧) في شرح التسهيل لابن مالك: "لو قصد بـ"ذا" الإشارة لكان: "ماذا" "ومن ذا" مبتدأ وخبرًا، واستغني عن جواب =