قوله:"مات هزلًا" جملة وقعت صفة لـ "جوادا"، و "هزلًا" نصب على التمييز بفتح الهاء من هزل الرجل هزلًا إذا افتقر. قوله:"لعلني" اسم لعل هو الضمير المتصل به، وخبره قوله:"أرى ما ترين"، و "ما" موصولة، و "ترين" صلتها، والموصول مع صلته في محل النصب على أنها مفعول أرى، وهو في الموضعين من رؤية البصر؛ فلذلك اقتصر على مفعول واحد، ومفعول ترى (١) محذوف، وهو العائد إلى الموصول تقديره: ما ترينه.
قوله:"أو بخيلًا" عطف على قوله: "جوادًا" أي: أريني بخيلًا مخلدًا في الدنيا بسبب إمساكه ماله، والحاصل أن إنفاق المال لا يميت الكريم هزلًا ولا إمساكه يخلد البخيل في الدنيا.
الاستشهاد فيه:
في قوله:"لعلني" حيث جاءت فيه عند الإضافة إلى ياء المتكلم نون الوقاية، والأكثر فيه ترك النون كما في قوله تعالى: ﴿لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ﴾ [غافر: ٣٦](٢).
أقول: قائله هو المجنون، واسمه قيس بن معاذ، وقيل: مهدي، والصحيح: قيس بن الملوح بن مزاحم بن عدي بن ربيعة بن جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، ومن الدليل على أن اسمه قيس، قول ليلى صاحبته (٥):
وعن أبي سعيد السكري قال: حدثنا إسماعيل بن مجمع عن المدائني (٦) قال: قال: المجنون
(١) في (أ): ترين. (٢) قال المرادي: "الحذف مع لعل هو الكثير، ولم يأت في القرآن إلا كذلك، وإثبات النون معها نادر". توضيح المقاصد (١/ ١٥٣). (٣) أوضح المسالك لابن هشام (١/ ٨٢). (٤) البيت من بحر الطويل، من قصيدة لمجنون ليلى، وهو بيت مفرد في الديوان (١٧٥) ط. دار الكتاب العربي, والبيت في التصريح (١/ ١١٢)، واللسان مادة: "دوم". (٥) من الطويل لليلى صاحبة قيس بن الملوح في قصة ذكرها صاحب الأغاني في ديوان قيس (٢٨٦). اللغة: الخطوب جمع خطب وهي الشدائد، مستقل: ذاهب، والبيت غير مستشهد به نحويًّا، وإنما أورده لبيان أن المجنون اسمه قيس. (٦) علي بن عبد الله أبو الحسن المدائني، راوية مؤرخ كثير التصانيف (ت ٢٢٥ هـ). ينظر الأعلام (٤/ ٣٢٣).