يتعلق بها، قوله:"وتأتي" بنصب الياء، قوله:"عار" مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: ذلك عار عليك، أي: نهيك عنه وإتيانك مثله عار عليك، وقوله:"عظيم" صفة للعار، وقوله:"إذا فعلت" معترض بين الصفة والموصوف، وجواب إذا محذوف سد ما قبلها مسده، والتقدير: إذا فعلته فعلت عارًا عظيمًا؛ ففعلت الثانية جواب إذا والعامل فيها.
الاستشهاد فيه:
في قوله:"وتأتي مثله" حيث نصب الياء في تأتي بالواو في جواب النهي، والنصب في الحقيقة إنما هو بأن مقدرة؛ لأنه أراد: لا تجمع بين الإتيان والنهي، أي لا يكن منك أن تنهي وتأتي (١).
وأنشد المبرد هذا البيت بالنصب، ثم قال: ولو جزمت لكان المعنى فاسدًا (٢)، وهذا الفساد إنما هو من طريق الشرع؛ لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على من جعل الله تعالى ذلك عليه، قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾ [الحج: ٤١].
ويجوز الرفع في:"تأتي" على أن يكون خبر مبتدأ محذوف، وتكون الجملة في موضع نصب على الحال من الضمير في تنه، والتقدير: لا تنه عن خلق وأنت تأتي مثله، و "مثله": مفعول تأتي، فحذف الموصوف وأقام صفته مقامه وهو مثل، والتقدير: وتأتي خلقًا مثله. فافهم.
الشاهد الثمانون بعد الألف (٣)، (٤)
عَلَّ صُروفَ الدَّهْرِ أو دُوْلاتِهَا … يُدِلْنَنَا اللَّمَّةَ مِن لَمَّاتِهَا
(١) هو قول سيبويه في بيان المعنى: "واعلم أن الواو وإن جرت هذا المجرى فإن معناها ومعنى الفاء مختلفان؛ ألا ترى الأخطل قال: (البيت)، فلو دخلت الفاء هاهنا لأفسدت المعنى، وإنما أراد: لا يجتمعن النهي والإتيان فصار: (تأتي) على إضمار: (أن)، ومما يدلك -أيضًا- على أن الفاء ليست كالواو قولك: مررت بزيد وعمرو، ومررت بزيد فعمرو، تريد أن تعلم بالفاء أن الآخر مر به بعد الأول، وتقول: لا تأكل السمك وتشرب اللبن، فلو دخلت الفاء هاهنا فسد المعنى". الكتاب (٣/ ٤١، ٤٢)، والإنصاف في مسائل الخلاف للأنباري (٢/ ٥٥٥) وما بعدها، والحروف العاملة في القرآن الكريم (٥٩١)، وشرح التسهيل لابن مالك (٤/ ٤٨)، وبلوغ الأرب في الواو في لغة العرب (٢٥٨). (٢) ينظر المقتضب (٢/ ٢٦). (٣) ابن الناظم (٢٦٩). (٤) البيت من بحر الرجز، وهو لقائل مجهول، وانظره في اللامات للزجاجي (١٣٥)، والإنصاف في مسائل الخلاف للأنباري (٢٢٠)، والخزانة (٢/ ٤٤١)، والخصائص (١/ ٣١٧)، والأشموني (٣/ ٣١٢). (٥) ينظر معاني القرآن للفراء (٣/ ٩، ٢٣٥).