وزعم الهيثم بن عدي (١) أن الحرث بن أبي ربيعة عم عمر بن عبد اللَّه بن أبي ربيعة أتى بعمر إلى ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - فقال له: إن ابن أخي هذا قال شعرًا، فإن كان مما يَجْمُلُ بمثله تركته وإلا حبسته، فاستنشده ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - فأنشده عمر:
أَمِنْ آلِ نُعْمٍ أَنْتَ غَاب فَمُبكِرُ … ...........................
حتى أتى على آخرها، فقال ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما - للحرث: لئن بقي ابن أخيك هذا ليُخْرِجَنَّ الخبّآت من خدورهن، وهذه هي القصيدة (٢):
١ - أَمِنْ آلِ نُعْمٍ أَنْتَ غَادٍ فَمُبكِرُ … غَدَاةَ غَدٍ أَمْ رَائِحٌ فَمُهَجِّرُ
٢ - بِحَاجَةِ نَفْسٍ لَمْ تَقُلْ فيِ جَوَابِهَا … فَتُبْلِغَ عُذْرًا وَالمقَالةُ تُعْذِوُ (٣)
٣ - تَهِيمُ إِلَى نُعْمِ فَلَا الشَّملُ جَامِعٌ … ولا الحَبْلُ مَوْصُولٌ ولا القَلْبُ مُقْصِرْ
٤ - وَلا قُرْبُ نُعْمٍ إِنْ دَنَتْ لَكَ نَافِعٌ … ولا نَأْيُهَا يُسلِي وَلا أَنْتَ تَصْبرُ
٥ - وَأُخْرَى أَتَتْ مِنْ دُونِ نُعْم وَمِثْلُهَا … نَهَى ذَا النُّهَى لَوْ تَرْعَوي أَوْ تُفَكِّرُ
٦ - إِذَا زُرْتَ نُعْمًا لَمْ يَزَلْ ذُو قَرَابَة … لَهَا كُلَّمَا لاقَيتُهَا يَتَنَمَّرُ
٧ - عَزِيزٌ عَلَيهِ أَنْ أُلِمَّ بِبَيتِهَا … يُسِرُّ لِي الشَّحْنَاءَ وَالبغْضُ مُظْهَرُ
٨ - أَلِكْنِي إِلَيْهَا بالسَّلامِ فإِنُّهُ … يُشَهرُ إِلْمامِي بِهَا وَيُنَكَّرُ
٩ - بِآيَة مَا قَالتْ غدَاةَ لَقِيتُهَا … بِمَدْفَعِ أكْنَانِ أَهَذَا المشُهَّرُ
١٠ - قِفِي فَانْظُرِي أَسْمَاء هَلْ تَعْرِفِينَهُ … أَهَذَا المُغيرِيُّ الذِي كَانَ يُذْكَرُ
١١ - أَهذَا الذي أَطْرَيْتِ نَعْتًا فَلَم أكُنْ … وَعَيشِكِ أَنْسَاهُ إِلَى يَوْمِ أُقْبَرُ
١٢ - فقالتْ نَعَم لا شَكَّ غَيَّرَ لَوْنَهُ … سرَى الليلِ يُحْييِ نَصُّهُ والتَّهجُّرُ
١٣ - لَئِنْ كَانَ إِيَّاهُ لَقَدْ حَال بَعْدَنَا … عَنْ العَهْدِ والإِنْسَان قُد يَتَغَيرُ
١٤ - رَأَتْ رَجُلًا أمَّا إذَا الشَّمْسُ عَارَضَتْ … فَيضْحَى وَأَمَا بِالْعَشِي فَيَخْضَرُ
١٥ - أَخَا سَفَرٍ جَوَّابَ أَرْضٍ تَقَاذَفَتْ … بِهِ فَلَوَاتٌ فَهْوَ أَشعَثُ أَغْبَرُ
(١) هو الهيثم بن عدي بن عبد الرحمن الثعلبي الطائي البحتري، له طبقات الفقهاء والمحدثين وغيره (ت ٢٠٧ هـ). ينظر الأعلام (٨/ ١٠٤).
(٢) ينظر القصيدة في ديوان عمر بن أبي ربيعة (١١٩) وما بعدها، شرح: عبدأ علي مهنا، و (١٢٢) نشر دار الكتاب العربي، د. فائز محمد.
(٣) روايته في الديوان هكذا:
............... لم تقل في جوابها .... ...................................