وقد روي عن الله -عَزَّ وَجَلَّ- أنّه قال:"الحاسدُ مُضادٌّ لقضائي، جاحِدٌ لنَعْمائي"(١).
قال عمر بن عبد العزيز - رحمه الله -: "ما رأيت ظالمًا أشبهَ بمظلومٍ من الحاسد، غَمٌّ دائم، ونفسٌ متتِابع"(٢).
وأول ذنب عُصي الله تعالى به في السَّماء: حسدُ إبليس لآدم، فأخرجه من الجنَّة، فطرد (٣)، وصار به شيطانًا رجيمًا، وفي الأرض: حسدُ قابيل لأخيه هابيل، فقتله.
وعين الحاسد في الأغلب لا تضر، قال بعضهم: كلّ أحد يمكن أن ترضيه إِلَّا الحاسد؛ فإنّه لا يُرضيه إِلَّا زوالُ النعمة عنك.
وأنشد بعضهم:
فَكُلٌّ أُداريهِ على حسبِ حالِهِ ... سِوى حاسدٍ (٤) فَهْيَ الّتي لا أَنالُها
وكيفَ يُداري المرءُ حاسدَ نعمةٍ ... إذا كانَ لا يُرضيه إِلَّا زَوالهُا
قال الحسين بن الفضل: ذكر الله تعالى الشرور في هذه السورة، ثمّ ختمها بالحسد؛ ليظهر أنّه أخس طبع (٥).
(١) ذكره الحكيم التّرمذيّ في "نوادر الأصول" (٤/ ١٩)، عن وهب بن منبه. (٢) رواه البيهقي في "شعب الإيمان" (٦٦٣٥) لكن عن الخليل بن أحمد. (٣) "فطرد" زيادة من "ت". (٤) في "ت": "حاسدي". (٥) انظر: "تفسير الثعالبي" (٤/ ٤٥٣).