{فَلَبِثَ} مكث {فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ} وهي سبعُ سنينَ في قولِ الأكثرِ، وكانَ قد لبثَ قبلَه خمسَ سنينَ، فجملَتُه اثنتا عشرةَ سنة.
روُي أن جبريلَ عليه السلام قال له: من الذي حَبَّبَكَ إلى أبيكَ دونَ إخوتِكَ، وحفِظَكَ في الشدائدِ؟ فقال: الله، فقال: إنه يقولُ: أحسبْتَ أني أنساكَ في السجنِ حتى استغثْتَ بغيرِي وأنا أقربُ إليكَ وأقدرُ على خلاصِك؟ لتلبثَنَّ فيه بضعَ سنين، قال: وربِّي عنِّي راضٍ؟ قال: نعم، قالَ: فلا أبالي إذن (١).
ورُوي أن يوسفَ لما قالَ ذلكَ، قيل له: أَتَّخَذْتَ من دوني وكيلًا؟ لأطيلنَّ حبسَكَ، فقالَ: يا ربَّ! أنسى قلبي كثرةُ البلوى، قالَ - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْلاَ كَلِمَةُ يُوسُفَ، مَا لَبثَ في السِّجْنِ مَا لَبِثَ"(٢).
[٤٣]{وَقَالَ الْمَلِكُ} يعني: ملكَ مصرَ الأكبرَ، وهو الريان بنُ الوليدِ، من العمالِقَةِ، وهو فرعونُ يوسفَ، والقبطُ تسمِّيه نَهْراوُش، وكان عظيمَ الخلقِ، جميلَ الوجهِ، عاقِلًا متمكِّنًا، وهو جدُّ فرعونِ موسى، وكان أقوى
(١) انظر: "تفسير البغوي" (٢/ ٤٦٥). (٢) رواه ابن حبان في "صحيحه" (٦٢٠٦)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٧/ ٢١٤٨)، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. وفي الباب: عن ابن عباس، والحسن البصري، وغيرهما.