[١٩] رُويَ عن النعمانِ بنِ بشيرٍ قال: "كنتُ عندَ منبرِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ رجلٌ: ما أُبالي أن لا أعملَ عملًا بعدَ أن أسقيَ الحاجَّ، وقال آخرُ: ما أُبالي أن لا أعملَ عملًا بعدَ أن أعمرَ المسجدَ الحرامَ، فقال آخرُ: الجهادُ في سبيلِ اللهِ أفضلُ ممّا قلتم، فزجَرَهم عمرُ وقالَ: لا ترفعوا أصواتَكم عندَ منبرِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وهو يومُ الجمعةِ، ولكنْ إذا صَلَّيْتُ فاستفتيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فيما اختلفتم فيه، ففعلَ، فأنزلَ الله -عَزَّ وَجَلَّ-:
{أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}(١) والسقايةُ والعمارةُ: مَصْدَرا سَقَى وعَمَرَ. ورُوي عن أبي جعفرٍ أنّه قرأ:(سُقَاةَ) بضم السين وحذف الياء بعدَ الألف (وَعَمَرَة) بفتح العين وحذف الألف على جمع ساقي والعامر (٢)، تقديره: أجعلتم أصحابَ سقايةِ الحاجِّ، وأصحابَ عِمارةِ المسجدِ.
{لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} تنبيهٌ على أن التسويةَ بينَهم ظلمٌ.
(١) رواه مسلم (١٨٧٩)، كتاب: الإمارة، باب: فضل الشّهادة في سبيل الله تعالى. (٢) انظر: "تفسير البغوي" (٢/ ٢٥٩)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٢٧٨)، و"معجم القراءات القرآنية" (٣/ ١١ - ١٢)، وقد ذكرها البغوي من قراءة ابن الزبير وأبيّ.