[١٤٣]{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} نزلت لما قال رؤساء اليهود لمعاذِ بنِ جَبَلٍ: ما تركَ محمدٌ قبلتَنا إلَّا حسدًا، وإنَّ قبلتنا قبلةُ الأنبياء، وقد علم محمدٌ أنا عدلٌ بين الناس، فقال معاذ: إنا على حقٍّ (١) وعدلٍ، فأنزل الله تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ}(٢)؛ أي: ومثلَ ذلكَ الجعلِ الصالحِ الذي جعلْنا إبراهيمَ وذريتَهُ جعلناكم أمةً وَسَطًا؛ أي: عَدْلًا خِيارًا، قال الله تعالى:{قَالَ أَوْسَطُهُمْ}[القلم: ٢٨]؛ أي: خيرُهم وأعدلُهم، وخيرُ الأشياءِ أَوْسَطُها.
{لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} يومَ القيامة أنَّ الرسلَ قد بلَّغتهم.
{وَيَكُونَ الرَّسُولُ} هو محمدٌ - صلى الله عليه وسلم -.
{عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} معدِّلًا مزكِّيًا لكم، وذلك أن الله تعالى يجمعُ الأَوَّلين والآخِرين في صعيدٍ واحدٍ، ثم يقُول لكفارِ الأمم: ألم يأتِكُمْ نذيرٌ؟ فيُنكرون ويقولون: ما جَاءَنا مِنْ بَشِيرٍ ولا نَذِير، فيسأَلُ الأنبياء (٣) -عليهم السلام-، فيقولون: كَذَبوا، قد بلَّغناهم، فيسألُهم البينةَ، وهو أعلم بهم؛ إقامةً للحجَّة، فيؤتى بأمة محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، فيشهدون (٤) لهم أنهم قد بَلَّغوا، فتقولُ
(١) في "ن": "الحق". (٢) انظر: "تفسير البغوي" (١/ ١١٤)، و"العجاب في بيان الأسباب" لابن حجر (١/ ٣٨٩ - ٣٩٠). (٣) "الأنبياء" ساقطة من "ت". (٤) في "ظ": "ليشهدون".