وقد أنكر القاضي عياض - رحمه الله - ما نقله المؤرخون والمفسرون في هذه القصة، ووهَّى قولهم فيها، ونقل عن ابن عباس وابن مسعود أنهما قالا:"ما زاد داود على أن قال للرجل: انزل لي عن امرأتك، وأكفلنيها"، فعاتبه الله على ذلك (١)، ونبهه عليه، وأنكر عليه شغله بالدنيا، قال: وهذا الذي ينبغي أن يعول عليه من أمره، وحكى قولًا أنه خطبها على خطبته، وقيل: بل أحب بقلبه أن يستشهد، ونقل عن الداودي أنه ليس في قصة داود وأوريا خبر يثبت، ولا يظن بنبي محبة قتل مسلم، انتهى (٢).
[٢٦]{يَادَاوُودُ} في الكلام حذف يدل عليه ظاهر الكلام، تقديره: وقلنا له: يا داود {إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ} تدبر أمر العباد بأمرنا، والخليفة: من استُخلف مكان من كان قبله، مأخوذ من أنه خلف لغيره،
(١) "ذلك" ساقطة من "ت". (٢) قال الشيخ محمد أبو شهبة بعد ذكره لهذه الأقوال من أنه -عليه السلام- "خطبها أو أحب بقلبه أن يستشهد ... ": وهذه الأقوال ونحوها لست منها على ثلج ولا اطمئنان؛ فإنها وإن كانت لا تخل بالعصمة، لكنها تخدشها، ثم هي لا تليق بالصفوة المختارة من الخلق وهم الأنبياء ... ، وقال الشيخ الساعاتي: بل لا يصح وقوعها من المتسمين بالصلاح فضلًا عن الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-: انظر: "الإسرائيليات" (ص: ٢٦٩ - ٢٧٠)، و"الأحاديث الصحيحة في أخبار الأنبياء" لإبراهيم العلي (ص: ١٨٠).