ولا تدخل حينئذ إلا على جملة فعلية صرح بفعلها؛ كما في البيت المذكور، وأما قول المرار (١):
صددتِ فأطْولتِ الصُّدُودَ وقلما … وصَالٌ على طول الصُّدود يدوم
فقال سيبويه: ضرورة (٢)، وقال الفارسي: طالما وقلما وكثر ما لا فاعل لهن؛ لأن الكلام لمّا حمل على النفي استغنى عن الفاعل، وما هنا عوض عن الفاعل ونظيره (٣):
........... أما أنت ذا نفر … ...........................
فما عوض عن كان، وإنما جعلت ما عوضًا عن الفاعل؛ إذ كان الفعل لا يخلو عن فاعل (٤).
وقال ابن جني [رحمه اللَّه تعالى]: (٥) ينبغي أن يكتب: طالما وقلما موصولًا بما؛ لأنها خلطت بهما وجعلا شيئًا واحدًا وهيأتهما لوقوع الفعل بعدهما، فلما اتصلا معنًى وجب أن يتصلا خطًّا، وكذا كان يجب في: كثر ما إلا أن الراء لا تتصل بما بعدها.
وحكى أبو محمد عبد الله بن درستويه الصفوي (٦) -[رحمه الله تعالى](٧): أنها تكتب منفصلة وأنه لا يكتب من الأفعال شيئًا متصلًا إلا نعمَّا وبئسما (٨).
قوله:"يحاول": فعل مضارع، وقوله:"واش": فاعله، وقوله:"غير إفساد": كلام إضافي مفعوله.
(١) البيت من الطويل، ينظر الأغاني (١٠/ ٣٦٥) وروايته: صددت فأطولتَ الصدود ولا أرى … وصال على طول الصدود يدوم قال ابن الأعرابي: لم تصرمْ صُرْمَ بَتَّاتٍ، ولكن صرمتَ صرمَ دلال، وأطولت الصدود: أي: أطلته. والبيت من أبيات الكتاب (١/ ٣١)، وفيه نسب لعمر بن أبي ربيعة. (٢) ينظر الكتاب (٣/ ١١٥). (٣) هو جزء بيت من الشعر للعباس بن مرداس في الكتاب (١/ ٢٩٣)، وابن يعيش (٢/ ٩٩)، وشواهد المغني (٤٣)، وشرح ابن عقيل (١/ ٢٩٦)، وهو الشاهد رقم (٢٠٦) من شواهد الكتاب الذي بين يديك. والشاهد فيه هنا هو حذف كان والتعويض عنها بما تعويضًا لازمًا. (٤) ينظر البغداديات (٢٩٦ - ٣٠١). (٥) ما بين المعقوفين سقط في (أ). (٦) هو عبد الله بن جعفر بن درستويه، صنف الإرشاد في النحو وشرح الفصيح وغيرهما: (ت ٣٤٧ هـ)، ينظر بغية الوعاة (٢/ ٣٦). (٧) ما بين المعقوفين سقط في (أ). (٨) انظر نصه في كتاب الكُتّاب (٦١)، يقول: "ولا يجوز أن يوصل ما أشبه نعم وبئس من الأفعال بما؛ كقولك: حسن ما علت به، وعظم ما أتيت، ولا مثل: طال ما، وقل ما، وإن سكنت بساطتهما وكثرا في الكلام، لأنهما لم يغيرا عن أبنيتهما، وليس فيهما ما في نعم وبئس".