كثير (١) كأنه يصف نفسه بالكرم، وأنه لا يصغى إلى من يلوم في ذلك، ويقال: إن امرأته لامته على إتلاف ماله جزعا من الفقر، وذلك أنه نزل به ضيف وهو في الجاهلية فعقر لهم أربع قلائص وسبأ لهم خمرًا كثيرًا، فلامته [امرأته](٢) على ذلك فقال لها: لا تجزعي لإتلافي منفس المال فإني قادر على إخلافه وإنما إذا هلكت فاجزعي في ذلك الوقت فإنه لا خلف لك عني.
الإعراب:
قوله:"لا تجزعي" نهي وفاعله الياء، و "إن" حرف شرط، وقوله:"منفس" بالرفع والنصب؛ فالنصب بفعل مقدر تقديره: أهلكت منفسًا أهلكته، وهي جملة من الفعل والفاعل والمفعول وقعت فعل الشرط، وجوابه مقدم وهو قوله:"لا تجزعي" والرفع على تقدير: إن هلك منفس لجاز؛ لأنه إذا أهلكه فقد هلك.
قوله:"فإذا هلكت" الفاء للعطف وإذا للشرط، و:"هلكت" جملة من الفعل والفاعل فعل الشرط، وجوابه قوله:"فعند ذلك فاجزعي" أي فاجزعي عند ذلك.
فإن قلتَ: ما هاتان الفاءان؟
قلتُ: الفاء الداخلة على عند زائدة، والفاء الداخلة على فاجزعي جواب الشرط، أما سيبويه فيتأول ذلك، ويجعل الفاء الداخلة على "عند" جواب إذا، والفاء الداخلة على:"فاجزعي" عاطفة جملة أمرية على جملة خبرية، أي: فأنت عند ذلك فاجزعي، وذلك جائز لاشتراكهما في مسمى الجملة، وكذلك يتأول: زيد فوجد على تقدير: هذا زيد، فهو وجد فحذف المبتدآن (٣)، وحكى الأخفش هذا زيد فمنطلق (٤)، قالوا ويجوز أن تكون الفاء جوابًا في هذا المقدر من التنبيه؛ لأنك لا قلت: هذا زيد كأنك قلت: تنبه فهو منطلق.
الاستشهاد فيه:
في قوله:"إن منفسًا"[حيث جاء منصوبًا على شريطة التفسير؛ لأن تقديره: أهلكت منفسًا أهلكته كما ذكرنا](٥)، واستشهد به ابن الناظم في رفعه بفعل مضمر مطاوع للظاهر تقديره: إن هلك منفس أهلكته، وأنشده في كتابه بالرفع، ثم قال: ويروى بالنصب، ورواية
(١) مجمل اللغة مادة: "نفس". (٢) ما بين المعقوفين سقط في (أ). (٣) ينظر الكتاب لسيبويه (١/ ١٣٤، ١٣٩) وما بعدهما، والمغني (٤٨٣). (٤) معاني القرآن للأخفش (١/ ٧٦). (٥) ما بين المعقوفين سقط في (أ).