والبيت المذكور من قصيدة لامية، وهي طويلة من البسيط، وأولها هو قوله (١):
١ - وَدّعْ هُرَيْرةَ إن الركبَ مرتحلٌ … وهل تطيقُ ودَاعًا أيها الرجُلُ؟
٢ - غراءُ فرعَاءُ مصقولٌ عَوارضُها … تَمْشي الهُوَيْنى كما يَمْشي الوجى الوحِلُ
٣ - كأن مِشْيتَها من بَيتِ جَارتِها … مَرُّ السحابة لا رَيْثٌ ولا عَجَلُ
٤ - تَسمعُ للحلي وسْواسا إذًا انْصَرَفَتْ … كما استعَانَ بريحٍ عِشْرِقٌ زجِلُ
إلى أن قال:
٥ - وَقَد غدوْتُ إلى الحانُوتِ يَتْبعني … شَاوٍ مشَل شلُول شُلشل شولُ
٦ - في فتية كَسُيوف الهند قدْ عَلِمُوا … أن لَيس يدفعُ عن ذي الحيلة الحيلُ
٧ - نازعْتُهُم قُضُبَ الريحانِ مُتَكئًا … وقهوةً مُرةً راووقها خَضِلُ
والبيت المستشهد به هكذا أورده النحاة سيبويه وغيره من المتقدمين والمتأخرين (٢)، والذي ثبت في ديوانه مثل ما ذكرناه من أن عجز البيت:
........................ … أنْ ليسَ يَدْفَعُ عَنْ ذي الحيلَةِ الحيلُ (٣)
وهو شاهد على مسألة الفعل الجامد (٤).
وأما العجز الذي أورده فليس هو من كلام الأعشى، وقد قيل: إنه من بيت آخر لآخر وهو (٥):
أما تَرَانَا حُفَاةً لَا نِعَال لَنَا … إنّا كَذلكَ لَا نَحْفَى ونَنْتَعلُ
قلتُ: العجز الذي أورده يخالف عجز هذا البيت أيضًا، فالحق أن هذا العجز إما من عجز بيت غير هذا البيت، أو هو رواية في بيت الأعشى والله أعلم.
١ - قوله: "ودع هريرة": خطاب لنفسه، وهريرة: قينة كانت لرجل من آل عمرو بن مرثد،
(١) ينظر الديوان (١٣٠)، (شرح مهدي محمَّد ناصر)، و (٩١) بشرح وتحقيق محمَّد حسين.
(٢) ينظر الكتاب (٢/ ١٣٧)، (٣/ ٧٤، ١٦٤، ٤٥٤)، والإنصاف (١٩٩)، ورصف المباني (١٩٦)، والمغني (٣١٤)، والمقتضب (٣/ ٩)، وابن يعيش (٨/ ٧١).
(٣) الديوان (١٣٣).
(٤) أي أن (أنْ) المخففة تدخل على الجملة الفعلية، وهذه الجملة قد تبهون مقرونة بالسين أو سوف أو جملة فعلية فعلها جامد كعسى، وليس كقوله تعالى: ﴿وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ﴾ [الأعراف: ١٨٥] وقوله تعالى: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إلا مَا سَعَى﴾ [النجم: ٣٩].
(٥) رواية البيت في الخزانة هكذا:
إما ترَينَا حُفاةً لا نعال لنا … إنا كذلك ما نحفي ونَنتَعِلُ
ينظر الخزانة (١١/ ٣٥١).