قوله:"أزمان قومي" قال سيبويه تقديره: أزمان كان قومي (١)، وقال ابن عصفور: وإنما حمل على إضمار كان ولم يحمل على تقدير حذف مصدر مضاف إلى قومي، فيكون التقدير: أزمان كون قومي والجماعة؛ لأن المصدر المقدر بأن والفعل من قبيل الموصولات، وحذف الموصول وإبقاء شيء من صلته لا يجوز (٢).
فإن قلتَ: ما الدليل على أن قومي من قوله: "أزمان قومي" محمول على فعل مضمر؟ قلتُ: لأنه ليس من قبيل المصادر، وأسماء الزمان لا يضاف شيء منها إلا إلى مصدر أو جملة تكون في معناه، تقول: هذا يوم قدوم زيد ورحيل عمرو، ولا يجوز أن يقال: هذا يوم زيد ولا هذا يوم الفرس.
فإن قلتَ: قد قيل يوم الجمل، ويوم حليمة.
قلتُ: التقدير: يوم حرب الجمل ويوم حرب حليمة (٣).
قوله:"والجماعة" بالنصب لأن الواو فيه بمعنى مع؛ أي: مع الجماعة، انتصب بكان الرافعة قومي، وذكر في كتاب التنبيه على ما يشكل على كتاب سيبويه (٤): ويجوز رفع "أزمان" على أنه خبر مبتدأ محذوف دون إظهار كان، والواو: واو مع أيضًا؛ فتكون إضافة "أزمان" إلى الجملة الاسمية على هذا، ثم قال: والأول أحسن وأكثر، وأشار إلى الوجه الأول وهو نصب "أزمان"، وتقدير الجملة الفعلية بعده على ما ذكره سيبويه (٥).
قوله:"كالذي": صفة موصوفها محذوف تقديره: كالرَّكْبِ الذي لزم الرحالة فقوله: "لَزِمَ الرِّحَالةَ": جملة وقعت صلة الموصول، قوله:"أن تميل"[أي: بأن تميل](٦)، والباء للسببية، وأن مصدرية، تقديره (٧): بسبب ميلها، أي: ميل الرَّحَالة، قوله:"مَمِيلًا": نصب على المصدرية بمعنى "ميلًا".
(١) قال سيبويه بعد أن ذكر البيت: كأنه قال: أزمان كان قومي والجماعة. الكتاب (١/ ٣٠٥). (٢) أنشد ابن عصفور البيت في المقرب في باب المفعول معه ثم قال بعده: "فإنما نصب الجماعة؛ لأن قومي محمول على إضمار فعل؛ فكأنه قال: أزمان كان قومي والجماعة؛ ألا ترى أن المعنى على ذلك". شرح المقرب، د. علي فاخر (٢/ ٧٠٠). (٣) ينظر شرح التسهيل لابن مالك (٣/ ٢٥٢) وما بعدها، توضيح المقاصد للمرادي (٢/ ٢٦٤) وما بعدها، والخزانة (٣/ ١٤٦). (٤) قد يكون لابن جني (ت ٣٩٢) أو لأبي إسحاق الجرمي (ت ٢٢٥). ينظر كشف الظنون (١/ ٤٩٣). (٥) ينظر الكتاب لسيبويه (١/ ٣٠٥). (٦) ما بين المعقوفين سقط في (ب). (٧) في (أ): وتقديره.