فقال له يزيد بن عمر بن هبيرة (١): وكم يبلل لهاتك يَا أَبا عطاء؟ فقال: عشرة آلاف درهم، فأمر ابنه يدفعها إليه ففعل، فقال يمدح ابن يزيد، ولكن فيه نغيزة (٢) في أبيه وهو يزيد وجده وهو عمر:
١ - أما أَبُوكَ فَعَينُ الجُودِ نَعْرِفُهُ … وَأَنْتَ أَشْبَهُ خَلْقِ الله بِالجودِ
٣ - مَا يَنْبُتُ العُودُ إلا في أَرُومَتِهِ … ولا يَكُونُ الجنْي إلا مِنَ العُودِ
وهو من البسيط.
٢ - قوله:"لولا أبوك" خطاب لابن يزيد بن عمر بن هبيرة، والدليل عليه ما روي:
لولا يزيد ولولا قبله عمر … ...........................
قوله:"معدّ" بفتح الميم، وهو أبو العرب وهو معد بن عدنان، وكان سيبويه يقول: الميم من نفس الكلمة لقولهم تمعدد لقلة تمفعل في الكلام (٣)، وقد خولف في قوله:"بالمقاليد" أي: بالمفاتيح، واحدها: إقليد على غير قياس، وقيل: المقاليد جمع ليس له مفرد من لفظه (٤).
الإعراب:
قوله:"لولا" لامتناع الثاني لوجود الأول نحو: لولا زيد لهلك عمرو، فإن هلاك عمرو منتفٍ لوجود زيد، قوله:"أبوك" كلام إضافي مبتدأ، وخبره محذوف تقديره: لولا أبوك قد ظلم النَّاس في ولايته وقبله عمر جدك كذلك، لكانت قبيلة معد أطاعوك وأمّروك، ولكنهما لما ظلما النَّاس خافوا أن تسير مثل سيرهما في الولاية فتركوك، قوله:"ولولا قبله عمر": عطف عليه؛ فقوله:"عمر": مبتدأ ونونه للضرورة، وقوله:"قبله": خبره مقدمًا، قوله:"ألقت": فعل ماض و"معد": فاعله، والجملة جواب لولا، وحرف الجر في الموضعين يتعلق بألقت.
الاستشهاد فيه:
في قوله:"عمر" حيث أظهر فيه خبر المبتدأ بعد لولا وهو قوله: "قبله" ومذهب الجمهور
(١) هو يزيد بن عمر بن هبيرة تُوفِّي في عهد العباسيين. الأعلام (٨/ ١٨٥). (٢) في لسان العرب، مادة "نغز" يقول: "نَغَزَ بينهم: أغْرى وحَمَل بعضَهم على بعض كَنَزَعَ"، والمعنى: فيه لوم وعتاب. (٣) قال سيبويه: "فأما المعزَى فالميم من نفس الكلمة؛ لأنك تقول: مَعْز ولو كانت زائدة لقلت: عزاء؛ فهذا ثبت كثبت أولق، ومعد مثله للتمعدد لقلة تمفعل". الكتاب لسيبويه (٤/ ٣٠٨)، وقوله: "وقد خولف" في قوله: أي أن وزن معد مفعل بزيادة الميم لأنها مصدرة. (٤) هذا قول الأصمعي حيث قال في اللسان: "والمقاليد لا واحد له". ينظر اللسان، مادة: "قلد".