وقال ابن يسعون: وقد يكون الظلام لغة في ظلم؛ كلبس ولباس ونحوه، وقد يكون جمع ظلم كما قال كراع، وإن كنت لا أعلم فِعَالًا في جمع فعل إلا في المضاعف في نحو: قِفّ وقِفَاف كما قد يكون الظلام جمع ظلامة وهو أشبه وجوهه.
٧ - قوله:"لضغمة" بالضاد والغين المعجمتين، وهي العضة، يكنى بها عن الشدة والصيبة؛ لأن من عرضت له الشدة يعض على يديه، يقال: ضَغَمَتْه الشدة إذا أصابته، ويقال: الضغم هو العض بجميع الفم، ومنه سمي الأسد ضيغمًا، والياء فيه زائدة، قوله:"يقرع العظم" أي يدقه وهذه مبالغة في أنه عضت الشدة عضًّا قويًّا بلغت منتهى ما يبلغ العض وكنى ببلوغ العظم الناب عن ذلك.
وحاصل المعنى: قد رَضِيَتْ (٢) نفسي وطابت للشدة التي أصابتني؛ لإصابتها من قصدني بمثلها.
وقال ابن الحاجب (٣) في الأمالي: إنه يقول: طابت نفسي للشدة التي أصابتني لوقوع العارض لي في أعظمي (٤)، وقال شيخ شيخي شمس الدين اليشكري ﵀ في شرحه (اللب) والمعنى: قد جعلت نفسي تطب لضغمتي إياهما ضغمة شديدة تشبه ضغمتهما لي، يعني: إنما تطب نفسي بأن يصيبهما مثل هذه الشدة التي أصابتني (٥).
الإعراب:
قوله:"وقد جعلت" هذه من أفعال المقاربة التي يجب أن يكون خبرها مضارعًا، قوله:"نفسي": اسمها، وقوله:"تطيب": خبرها، قوله:"لضغمة": مفعول تطيب؛ كما تقول طبت بزيد، فاللام بمعنى الباء وليست بمعنى المفعول لأجله؛ لأنه لم يرد أنها طابت لأجل الضغمة، وإنما يريد أنها طابت بالضغمة.
قوله:"لضغمهماها" اللام فيه للتعليل، والضمير الأول في موضع خفض من الإضافة وهي
(١) البيت من بحر الوافر، وهو في ديوان المقب العبدي (١٥٠)، وانظره في تاج العروس: "ظلم" والقافية فيها مستلينا، وقد أورده العيني دليلًا على أن الظلم يجمع على ظلام. (٢) في (أ): نصبت. (٣) ابن الحاجب: هو عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس، العلامة جمال الدين أبو عمرو بن الحاجب الكردي المقري النحوي له في النحو: الكافية وشرحها ونظمها، والوافية وشرحها، وفي التصريف الشافية وشرحها، وشرح المفصل، بشرح أسماه: الإيضاح، وله: الأمالي في النحو، وغيرها (ت ٦٤٦ هـ). بغية الوعاة للسيوطي (٢/ ١٣٤، ١٣٥) (٤) ينظر الأمالي النحوية لابن الحاجب (٣٨١). (٥) ينظر الخزانة (٥/ ٣٠١ - ٣٠٥).