بأنه عائد على الأعالي؛ لأنها مثناة في المعنى، و "المصطلى" بضم الميم وسكون الصاد وفتح الطاء واللام؛ موضع النَّار.
والمعنى: أقامت ثفيتان اللتان في ربع الدمنتين أعاليهما شديدة الحمرة وأسافلهما مُسوَدّة.
الإعراب:
قوله:"أمن دمنتين" الهمزة للاستفهام، و "من" للتعليل؛ أي؛ من أجل دمنتين، و "عرج الركب": جملة من الفعل والفاعل، قوله:"فيهما" أي: عليهما، لأنَّ عرج يستعمل بعلى لا بفي يقال: عرج عليه؛ كما قلنا، وفي تجيء بمعنى على؛ كَمَا في قوله تعالى: ﴿وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ﴾ [طه: ٧١] أي: عليها، والباء في:"بحقل الرخامى" بمعنى في، ومحلها النصب على الحال؛ أي: حال كونهم كائنين في حقل الرخامى.
وقوله:"قد عفا طللاهما": جملة فعلية وقعت حالًا من الدمنتين، قوله:"أقامت": فعل وفاعله: قوله: "جارتا صفا"، "وصفا" في تقدير الجر على الإضافة، قوله:"على ربعيهما": يتعلق بأقامت، وعلى بمعنى في، قوله:"كميتا الأعالي": كلام إضافي، وأصله: كميتان، سقطت النون للإضافة وهي صفة: جارتا صفا.
قوله:"جونتا مصطلاهما": صفة مشبهة من حبان يجون، وهي أضيفت إلى ما أضيف إلى ضمير موصوفها، أعنى: مصطلاهما، وضمير مصطلاهما يعود إلى جارتا، فهي مثل قولك: مررت برجل حسن وجهِه بالإضافة، والمبرد يمنعه مطلقًا (١)، وسيبوبه يخصه (٢).
وقال بعض شراح كتاب سيبوبه: الشاهد لسيبويه في البيت: جونتا مصطللاهما؛ حيث أضاف جونتا إلى مصطلى، وأضاف مصطلى إلى هما، وهما راجعان إلى "جارتا صفا"؛ لأنَّ الجونتين من صفة الجاريتين.
الاستشهاد فيه:
كما قررناه، فإن سيبويه قال: الجر في هذا النحو من الضرورات (٣)، ثم أنشد قول الشماخ:
(١) قال ابن عقيل: "ويقل نحو: حسن وجهه؛ بجر وجه، ولم يجز سيبويه ذلك إلَّا في الشعر، ومنعه المبرد مطلقًا". المساعد (٢/ ٢١٧، ٢١٨)، وقال أبو حيان: "ولم يجز سيبويه الجر إلَّا في الشعر ومنعه المبرد مطلقًا". التذييل والتكميل (٤/ ٨٧٤). (٢) المعنى: خصه بالشعر، انظر الكتاب (١/ ١٩٩، ٢٠٠). (٣) قال سيبويه: "وقد جاء في الشعر حسنة وجهها، شبهوه بـ: حسنة الوجه، وذلك رديء؛ لأنَّه بالهاء معرفة كما كان بالألف واللام، وهو من سبب الأول كما أنَّه من سببه بالألف واللام؛ قال الشماخ: (البيتين) ". الكتاب (١/ ١٩٩).