وقال مالكٌ: إن كانت يسيرةً جاز، وإن كانت كثيرةً لم يجز وأفسدت القسمة.
والوجه في ذلك: أنّ القسمة من حقوق الملك المشترك، والشركة بينهم في الدار، ولو أدخلنا الدراهم لقسمنا ما ليس بمشترك، وهذا لا يصحّ؛ ولأنّ الذي يُعطى الدراهم يتعجل استيفاء زيادة النصيب في الدار، ويجعل الدراهم في ذمته، ويجوز أن يسلّم لحصتِهِ (١)، ويجوز أن لا يسلّم، فلم يجز للقاضي أن يعجّل نصيب أحدهم ويؤخّر نصيب الآخر.
فأمّا إذا فعل ذلك جاز؛ لأنَّه قد لا يمكن القسمة إلا بالتعديل بالدراهم، ألا تري أنّ قيمة البناء في أحد الحيزين يكثر، فلو عدّلناه بالعَرْصة (٢) لم يبق لصاحب البناء في العَرْصة ما ينتفع به، فيبدل (٣) ذلك بالدراهم حتى ينتفع كلّ واحدٍ منهم بقطعةٍ من العَرْصة، إلا أنّ الأولى أن لا يفعل ذلك ما أمكن؛ لأن الدراهم في مقابلة البناء بيع، والقاضي يجبر على القسمة، ولا يجبر على البيع.
قال: فإن اختلفوا في رفع الطريق، فقال بعضهم: ارفع طريقًا بيننا، وقال بعضهم: لا ترفع، فإن الحاكم ينظر في ذلك: فإن كان يستقيم لكلّ واحدٍ منهم طريقٌ مستقيمٌ يقيمه (٤) في نصيبه، فإنّه يقسم بينهم لغير طريقٍ يرفع لجماعتهم، وإن كان لا يستقيم ذلك رفع الطريق بين جماعتهم؛ لأنّه إذا كان كلّ واحدٍ يمكن أن ينفرد بطريق، فالمانع من رفع الطريق يطلب قسمة [كل المال](٥)، والآخر
(١) في ب (أن يسلم لخصمه). (٢) "العَرْصَةُ: كل بقعة بين الدور واسعة، ليس فيها بيناء، والجمع: العِرَاص، والعَرَصات". المصباح (عرص). (٣) في ب (فيعدل). (٤) في ب (يصح). (٥) في أ (الملك) والمثبت من ب.