وقد قال أصحابنا: إنّ الأذكار والأدعية يستحب فيها الإخفاء إلا ما يتعلّق بالغير: كالأذان الذي يقصد به الإعلام، والخطبة التي [يُقصد بها وعظ الناس وتعليمهم، والتكبيرات] جعلت علامةً للدخول والانتقال [في الصلاة]، والقراءة التي أمر المؤتمّ باستماعها.
فأمَّا التلبية، فإنها من علامة العبادة؛ ولأنّ إبراهيم ﵇ صعد على أبي قبيس، فأذّن في الناس بالحجّ، فالتلبية إجابةُ لتأذينه، فهو في حكم ما تعلّق بالغير، فالسُنَّة الجهر به.
٩٢٩ - فَصْل:[ما ينهى عنه المحرم في اللباس]
قال: ولا يلبس خُفَّين ولا عِمَامَةً، ولا يأخذ من شعره ولا ظفره شيئًا.
أمّا اللبس، فلحديث ابن عمر: أنّ النبي ﷺ قال في المحرم: "ولا يلبس عِمَامةً ولا قَلَنْسُوَةً ولا خُفَّين، إلا ألا يجد النَّعْلَين، فيقطعهما أسفل الكعبين"(١).
وأمّا أخذ الشعر والظفر، فلقوله تعالى: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ﴾ [الحج: ٢٩]، فرتَّبَ ذلك على الذبح، [قيل هو: قص الشعر، وحلق الرأس، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط، وحلق العانة]، وقال النبي ﷺ:"المُحْرِمُ الأَشْعَثُ الأغبرُ"(٢)، وقال الله تعالى: ﴿وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾ [البقرة: ١٩٦]. وبالله التوفيق (٣).
* * *
(١) أخرجه البخاري (١٣٤)، ومسلم (١١٧٧) (٢) الترمذي (٢٩٨٨) وقال: "غريب"؛ وابن ماجه (٢٨٩٦) من حديث ابن عمر. (٣) انظر: شرح مختصر الطحاوي ٢/ ٥١٩؛ القدوري ص ١٤١.