قال: وينبغي لمن حضر الجمعة أن يدَّهن، ويمس طيبًا إن كان عنده، ويلبس من أحسن ثيابه، وإن اغتسل فحسنٌ، وإن ترك فلا بأس، والغسل أفضل.
والأصل في ذلك: ما روي عن ابن عباس أنه قال: "أنا أخبركم بأصل ذلك: كان الناس عمّال أنفسهم، وكانوا يلبسون الصوف، وكان مسجدهم صغيرًا قريب السقف، إنما هو الجريد، فخرج رسول الله ﷺ يومًا وقد عرقوا في الصوف، فبدت روائحهم، فقال ﵊: "من حضر في هذا اليوم فليغتسل، وليمس من الطيب إن كان عنده"، فلما كان بعد ذلك اتسع المسجد، واتسع الأمر، فلبسوا غير الصوف، واستغنوا عن العمل (١).
وقالت عائشة ﵂: كان الناس عمال أنفسهم، فتأذى بعضهم بروائح بعض، فقال ﵊: "من أتى الجمعة فليغتسل" (٢).
وقد قال أصحابنا: إن الغسل مستحب، وحكيَ عن مالك: أنه واجب (٣).
(١) أخرجه بنحوه أبو داود (٣٥٧)؛ وابن خزيمة (١٧٥٥)؛ وأحمد (٢٤١٩)؛ والحاكم في "المستدرك" (٧٣٩٤)، وصححه، ووافقه الذهبي على تصحيحه. قال الهيثمي: "في الصحيح بعضه، رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح". "مجمع الزوائد" (٣٠٤٣). (٢) روى البخاري (٩٠٢، ٩٠٣، ٢٠٧١)، ومسلم ٢: ٥٨١ (٦)، عن عائشة ﵂: كان أصحاب رسول الله ﷺ عمال أنفسهم، وكان يكون لهم أرواح، فقيل لهم: "لو اغتسلتم". وفي رواية: "لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا". وروى البخاري (٨٩٤)، ومسلم ٢: ٥٧٩ (٢)، من حديث ابن عمر بلفظ: "إذا جاء أحدكم الجمعة، فليغتسل". انظر: "نصب الراية" ١: ٨٦. (٣) قال ابن الجلاب: "الغسل للجمعة مسنون غير مفروض". التفريع ١/ ٢٣١؛ وقال ابن هبيرة: =