قال أبو الحسن ﵀: إذا جاء الرجل إلى الإمام فأقرّ (١) بالزنا بامرأةٍ بعينها، أو بغير عينها، لم يحدّه الإمام حتى يقرّ أربع مراتٍ في أربع مواطن.
قال [الشيخ]: وجملة هذا: أن الإقرار بالزنا لا يتعلّق به الحدّ حتى يقرّ أربع مراتٍ في أربع مجالس مختلفةٍ في مجالس المقِرّ.
وقال ابن أبي ليلى: يعتبر أربع مراتٍ في مجلسٍ واحدٍ.
وقال الشافعي: يقام الحدّ بإقراره مرةً واحدةً (٢).
لنا: ما روي: أن ماعزًا أقرّ عند النبي ﷺ بالزنا، فأعرض عنه، فعاد وأقرّ، فأعرض عنه، فعاد الثالثة فأقرّ، فأعرض عنه، فعاد فأقرّ رابعًا، فقال ﷺ:"الآن أقررت أربعًا، في مَن"؟ (٣)، ولو كان الحدّ يجب بإقراره مرةً واحدةً، لم يؤخره إلى الرابعة، ألا ترى أنه قال ﷺ:"ما ينبغي لوالي حدٍّ أتي في حدٍّ من حدود الله إلا أقامه"(٤)، ولو وجب الحدّ بالإقرار الأوّل، لم يؤخّره.
(١) "الإقرار، وهو مشتق من القرار، وهو لغة: إثبات ما كان متزلزلًا. وشرعًا: هو إخبار عن ثبوت حق الغير على نفسه، وليس بإثبات" أنيس الفقهاء ص ٢٤٣. (٢) انظر: مختصر المزني ص ٢٦١؛ المنهاج ص ٤٠٥؛ رحمة الأمة ص ٢٣١. (٣) أخرجه أبو داود (٤٤٢٦) من حديث ابن عباس، ولكن بلفظ: "شهدت على نفسك أربع مرات". (٤) أخرجه أحمد في المسند (٣٩٧٧)؛ وأبو يعلى في المسند (٥١٥٥)؛ والطبراني في الكبير (٨٥٧٢) من حديث ابن مسعود ﵁، وفي إسناده أبو ماجد الحنفي ضعيفٌ، انظر: مجمع الزوائد (٦/ ٢٥٧).