قال رحمه الله تعالى: الأصل في جواز الصلح (١) قوله تعالى: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ [النساء: ١٢٨]، وقال ﵊:"الصلح بين المسلمين جائز، إلا صلحًا أحَلّ حرامًا أو حرّم حلالًا"(٢)، وقال عمر بن الخطاب ﵁:"ردوا الخصوم لكي يصطلحوا، فإن فصل القضاء يورث بينهم الضغائن".
والصُّلْح على ثلاثة أضرب:
أحدها: أن يكون المدعى عليه مُقِرًّا بالمال، فيجوز الصلح بإجماع الظواهر التي قدمناها؛ ولأن المدعى عليه إذا أقرَّ وصَالَحَ فيما يعطيه، عوض عما أقرّ به، فهو كالبيع.
والنوع الثاني: الصُّلْح مع السكوت، وهو أن يقول الخصم: لا أقِرُّ ولا أنكر، وصَالَحَ، فالصلح جائز عندنا، وهو قول ابن أبي ليلى، وقال الشافعي: لا يجوز، وقد دل على ذلك ما قدمنا من الظواهر؛ ولأن الساكت يجوز أن يكون مقرًّا، ويجوز أن يكون منكرًا، فالعقود إذا احتملت الصحة والفساد وجب حملها على الصحة.
(١) "الصُّلْح لغة: مشتق من المصالحة، وهي المسالمة بعد المخالفة، وفي الشرع: عبارة عن عقد وضع بين المتصالحين لرفع المنازعة بالتراضي، يحل على عقود التصرفات". الجوهرة ص ٤١. (٢) أخرجه أبو داود (٣٥٩٤)؛ والترمذي (١٣٥٢)؛ والحاكم في المستدرك، ٢/ ٥٨.