وروى ابن سماعة عن أبي يوسف: أنّ عطاء قال في المحصَر لا يجد الهدي: قوّم الهدي طعامًا فتصدَّق به على المساكين، وإن لم يكن عنده طعام، صام لكلّ نصف صاعٍ يومًا (١)، وقال أبو يوسف: كان قول عطاء أعجب إليّ.
وقال الشافعي: لهدي الإحصار بدلٌ على أحد القولين، واختلف قوله في البدل ما هو؟، فقال في أحد قوليه: مثل صوم التمتع، وفي القول الآخر: ينتقل إلى الإطعام، وهل يقوم الصوم مقامه؟ فيه قولان (٢).
وجه قولهما: قوله تعالى: ﴿وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾، فعلَّق التحلّل بغايةٍ، فما لم توجد لا يجوز؛ ولأنه دمٌ لم يجب للجمع بين الإحرامين، فلا يكون له بدل: هو صومٌ أو طعامٌ كالأضحية المنذورة؛ ولأنه نسكٌ يتحلّل به قبل استيفاء موجبات الإحرام، فلا تقوم الصدقة مقامه (٣)، أصله: الطواف الذي يتحلّل به فائت الحج.
وجه قول أبي يوسف: أنه دمٌ يقع به التحلّل، فجاز أن يثبت له بدلٌ كدم المتعة.
١٠٢٣ - فَصْل:[الإحصار بعد الوقوف بعرفة]
قال: ولا يكون الحاج محصَرًا بعد الوقوف بعرفة؛ لقوله تعالى: ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ﴾، معناه: عن إتمامها، وقال رسول الله ﷺ: "ومن وقف بعرفة، فقد تم
(١) ذكره الكاساني في البدائع (٢/ ١٨٠). (٢) وفي المنهاج: "فإن فقد الدم .. فالأظهر: أن له بدلًا، وأنه صام بقيمة الشاة، فإن عجز صام عن كل مدٍ يومًا، وله التحلل في الحال في الأظهر"، ص ٢٠٩. (٣) في ب (فلا يقوم الصوم مقامه).