قال أبو الحسن: إذا اختلفا في رأس المال فقال أحدهما: دينار، وقال الآخر: عشرة دراهم، أو قال أحدهما: كُرّ شعير في مئة من زيت، وقال الآخر: كر حنطة في مئة [من زيت](١)، وأقاما جميعًا البيِّنة، فكانت البيِّنة بيِّنة المُسْلَم إليه في قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد: أقضي بالبيِّنتين، وأجعله سَلَمين.
(وروى ابن سماعة عن أبي حنيفة: أنهما إذا اختلفا في جنس رأس المال وأقاما بَيِّنة تقضى بسلمين)(٢)، فإن قال ربُّ السلم: أسلمت إليك هذا العبد في كُرّ حنطة، وقال المسلم إليه: هذه الجارية في كر شعير، وأقاما البيِّنة، قضي بسَلمين في قولهم، فإن قال المُسَلم إليه: أسلمت إليّ العبد والأمة في كُر حنطة، وقال رب السلم: أسلمت إليك العبد في كر حنطة، وأقاما بيِّنة فالبيِّنة بيِّنة المسَلم إليه، ويقضي بسَلم واحد في قولهم [جميعًا]، فكان الحاصل من مذهب أبي حنيفة وأبي يوسف: أنَّهما يقضيان بسَلم واحد إلَّا أن لا يمكن ذلك، فيُقضى بسَلمين، ومن أصل محمد: أنَّه يقضى بسَلمين إلا أن لا يمكن ذلك، فيقضى بسلم واحد.
وَجْهُ قولهما: أنَّهما اتَّفقا أنَّه لم يجرِ بينهما إلا عقد واحد، فلو قضينا بعقدين