قال ﵁: المضاربة مشتقة من الضرب في الأرض، ومنه سُمي المضارب: لأنه يستحق الربح بالعمل والسعي، وأهل المدينة يُسمونها مُقَارَضَة (١).
والأصل في جوازها: أن النبي ﷺ بُعث والناس يعقدونها ولم ينكر ذلك، كما لم ينكر سائر العقود.
وروي عن عبد الله بن عباس قال: كان العباس بن عبد المطلب ﵁ إذا دفع المال مضاربة اشترط على صاحبه أن لا يسلك به بحرًا، ولا ينزل واديًا، ولا يشتري به ذات كبدٍ رطبة، وإن فعل شيئًا من ذلك ضمن، قال: فبلغ شرطه رسول الله ﷺ فأجاز شرطه (٢).
وروي عن حكيم بن حزام أنه كان إذا دفع مالًا مضاربة اشترط هذا.
وعن عمر بن الخطاب ﵁ أنه دفع مال اليتيم مضاربة.
وروي أن عبد الله وعبيد الله ابني عمر قدما العراق وأبو موسى أمير بها، فقال: لو كان عندي فضل أكرمتكما، ولكن عندي مال لبيت المال، أدفعه إليكما فابتاعا به متاعًا واحملاه إلى المدينة فبيعاه وادفعا ثمنه إلى أمير المؤمنين، فلما قدما المدينة فقال لهما عمر: هذا مال المؤمنين، فاجعلا ربحه لهم، فسكت
(١) القراض والمقارضة "وصفته: أن يدفع رجل مالًا لآخر ليتجر به، ويكون الربح بينهما حسبما يتفقان عليه؛ من النصف أو الثلث أو الربع أو غير ذلك، بعد إخراج رأس المال". قوانين الأحكام الشرعية ص ٣٠٩. (٢) أورده الكاساني في البدائع ٦/ ٧٩.