قال رحمه الله تعالى: الإكراه (١) معنًى يفعله الإنسان بغيره ينتفي به الرضا، وهو ممّا يغيّرُ الأحكام تارةً ولا يغيرها أخرى، وقد اعتبره أصحابنا في العقودِ بالهَزْل، فقالوا: ما أثّر فيه الهَزْل، أثّر فيه الإكراه، وما لم يؤثّر فيه الهَزْل، لم يؤثّر فيه الإكراه، كالنكاح والطلاق.
ومنهم من جعله كشرط الخيار، فما أثّر فيه شرط الخيار، أثّر فيه الإكراه، [وما لم يؤثّر فيه شرط الخيار، لا يؤثّر فيه الإكراه]، [لأنّ](٢) الخيار يمنع الرضا كالإكراه المانع من الرضا.
ويُعتبر في الإكراه: صفة المكرِه والمكرَه، والمعنى الذي يُهدّد به، والمعنى الذي أكره (٣) عليه.
فأمّا صفة المكرِه:[فهو] أن يكون قادرًا على إيقاع ما توعّد به؛ ولهذا
(١) "الإكراه في اللغة: حمل الغير على ما يكرهه قهرًا، وفي الاصطلاح الشرعي: هو حمل الغير على ما لا يرضاه من قول أو فعل؛ بحيث لا يختار مباشرته لو خُلّي ونفسه". معجم المصطلحات الاقتصادية ص ٧٧. ووضح ذلك الإمام الشافعي بقوله: "والإكراه: أن يصير الرجل في يدي من لا يقدر على الامتناع منه: من سلطان، أو لِصٍّ، أو متغلبٍ على واحد من هؤلاء، ويكون المكره يخاف خوفًا عليه، دلالة أنَّه إنْ امتنع من قول ما أمر به، يبلغ به الضرب المؤلم، أو أكثر منه، أو إتلاف نفسه". الأم ص ٦١١. (٢) في أ (إلا أنّ)، والمثبت من ب، وهو المناسب في السياق. (٣) في ب (أكرهه).