قال أصحابنا: طلاق السكران من الخمر والنبيذ واقع، وكان أبو الحسن يختار أنه لا يقع، وهو قول الطحاوي، وأحد قولي الشافعي (١).
لنا: أن السكران مكلف؛ بدلالة أنه يلزمه الحد بالقذف والقود [بالقتل](٢)، وطلاق المكلف يقع كغير السكران.
وأما أبو الحسن فقال: إنّ زوال العقل بالنبيذ كزواله بالبنج والدواء، وقد قالوا: إِن ذلك يمنع من وقوع الطلاق.
وفَرَّق أصحابنا بينهما:[بأن المبنَّج](٣) ليس له حكم التكليف، والسكران له حكم التكليف، ولأن (الغالب أن الإنسان لا يشرب البنج ويظهر زوال العقل مع بقائه)(٤)، والغالب أن الإنسان يشرب الشراب [ويظهر أنه سكران](٥) وليس بسكران؛ [فلذلك](٦) أوقعوا في أحدهما دون الآخر؛ ولأن السكر يحصل [في الغالب بسبب معصية](٧) فعوقب بجريان الأحكام عليه، وليس الغالب من شرب
(١) "والصحيح: أنه يقع طلاقه على المذهب"، كما قال النووي في الروضة ٨/ ٢٣. انظر: مختصر المزني ص ١٩٤؛ المهذب ٤/ ٢٧٨. (٢) في ب (بالفعل) والمثبت من أ. (٣) في ب (لأن البنج) والمثبت من أ. (٤) ما بين القوسين سقاطة من أ. (٥) في ب (السكر) والمثبت من أ. (٦) في ب (فكذلك) والمثبت من أ. (٧) في الأصل (بسبب في الغالب معصية) والمثبت أوضح