قال أبو الحسن رحمهُ الله تعالى: الشفعة تستحق عند أصحابنا بثلاثة معانٍ: بالشركة فيما وقع عليه عقد البيع، أو بالشركة في حقوق ذلك، أو بالجوار الأقرب فالأقرب.
أما وجوب الشفعة بالشركة؛ فلقوله ﵇:"الشفعة فيما لم يقسم"(١)؛ ولأن الضرر يخشى في ذلك على الدوام، وهذا المعنى يثبت [به] للشفيع حق الجمع بين المِلْكين حتى يصيرا كالمِلْك الواحد فينفى عنه الضرر.
وأمّا الشركة في حقوق المبيع، كالشِّرْب والطَّرِيق، فيتعلق بها الشفعة عندنا، وقال الشافعي: لا يتعلق بها شفعة (٢).
لنا: قوله ﵇: "الشفعة للشريك الذي لم يقاسم"، وقال:"جار الدار أحق بالدار، ينتظر بها وإن كان غائبًا إذا كان طريقهما واحدًا"(٣)، وروي عنه أنه قال:"الشريك أحق من الخليط، والخليط أحق من غيره"(٤)، وهذا يدل على ترتيب
(١) أخرجه البخاري بلفظ "في كل مال لم يقسم"، البخاري (٢٠٩٩). (٢) انظر: الأم ص ٦٣١؛ رحمة الأمة ص ١٤٦. (٣) أخرجه أبو داود بلفظ: (جار الدار أحق بدار الجار أو الأرض) (٣٥١٧)، وبلفظ: (الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها … الحديث) (٣٥١٨)؛ وبلفظ الكتاب أخرجه الترمذي (١٣٦٨) وقال: "حديث حسن صحيح"؛ وابن حبان في صحيحه ١١/ ٥٨٥؛ والهيثمي في موارد الظمآن ١/ ٢٨١؛ وأحمد في المسند ٤/ ٣٨٨. (٤) أخرج نحوه الطحاوي في شرح معاني الآثار، ٤/ ١٢٥؛ انظر: نصب الراية ٤/ ١٧٦.