وعن معاوية، وسويد بن غفلة: أنّهما استلما جميع الأركان، فقال ابن عباس لمعاوية: أنما يُستلم هذان الركنان؟ فقال: ليس شيءٌ منه مهجور (١).
وإنّما لم يستلم الركنين؛ لأنّ القياس ينفي الاستلام، ألا ترى أنّ شرف البقعة لا يقتضي استلامها كسائر البقاع، وإنّما تركوا القياس في الركنين؛ لأنّ النبي ﷺ استلمهما؛ ولأنّ الركنين الآخرين ليسا بركني البيت؛ لأنّ الجاهلية قصَّرت في البيت، فلذلك لم يستلمهما ﷺ؛ إذ الاستلام إنما هو في الأركان الموضوعة [في الأصل].
٩٣٣ - فَصْل:[صلاة ركعتي الطواف]
[قال]: ثم يصلي ركعتين عند المقام، أو حيث تيسَّرَ عليه من المسجد وهي عندنا واجبةٌ. وقال الشافعي: سُنَّة (٢).
لنا: ما روي أنّ النبي ﷺ لمّا فرغ من الطواف، أتى المقام، فصلى عنده ركعتين، وتلا قوله تعالى: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ [البقرة: ١٢٥](٣)؛ ولانّه (٤) ركنٌ في الحج، فـ[كان] من توابعه ما هو واجبٌ كالوقوف؛ ولأنّها قربةٌ لا يجوز تقديمها على فعل الطواف كالسعي.
وأمّا قوله: حيث تيسَّر من المسجد؛ فلأنّ الصلاة لا تختصّ بمكانٍ دون
(١) رواه أحمد في المسند (٢٢١٠)؛ وقال الهيثمي في المجمع: "رجاله رجال الصحيح" (٣/ ٢٤٠). (٢) انظر المبسوط ٤/ ١٢؛ المجموع ٨/ ٦٧. (٣) أخرجه مسلم في حديث جابر (الطويل) في الحج (١٢١٨). (٤) في ب (ولأن الطواف).