قال أصحابنا - رحمهم الله تعالى -: إذا وهب الرجل للرجل هبةً وشرط فيها شرطًا فاسدًا، فالهبة جائزة، والشرط باطل.
قال بشر عن أبي يوسف: في رجل وهب لرجل أمةً وقبضها، واشترط عليه أن لا يبيعها، فإن أبا حنيفة قال: الهبة جائزة، والشرط باطل، وكذلك قال أبو يوسف: لا تشبه الهبة البيع.
ولو شرط فيها أن يتخذها أم ولد، أو أن يبيعها من فلان، أو يردّها عليه بعد شهر، كانت الهبة جائزةً، وهذه الشروط باطلة.
والأصل في هذا: أن كل عقد من شرطه القبض، فإن الشرط لا يفسده، [وهذا] كالهبة والرهن، وقد دلّ على الهبة ما روي:(أن النبي ﷺ أَجاز العُمْرَى وأبطل الشرط (١)).
وقد دلّ على الرَّهْن قوله ﷺ:"لا يغلق الرهن، لصاحبه غنمه وعليه غرمه"(٢).
وقد كانت الجاهلية ترهن على أن الراهن إذا أخر القضاء عن وقتٍ معلومٍ، فالرهن للمرتهن، فأبطل النبي ﷺ هذا الشرط، ولم يبطل [به] الرهن.
(١) أخرجه مسلم (١٦٢٥). (٢) أخرجه الدارقطني في السنن (٣/ ٣٢)، وصححه ابن حبان في صحيحه (٥٩٤٣).