قال [أبو الحسن]: الجهاد (٢) واجبٌ عندنا، وقال الثوري: لا يجب إلا إن ابتدأنا الكفار بالقتال.
والأصل في وجوبه قوله تعالى: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥]، وقال ﷿: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٩٣]، وقال: ﴿فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ﴾ [التوبة: ١٢]، وقال ﵊:"بني الإسلام على خمس"(٣) وذكر الجهاد.
ولأنّ قتالهم لو وُقِف على ابتدائهم صار على وجه الدفع، وهذا المعنى يوجد في المسلمين، وقتال المشركين مخالفٌ لقتال المسلمين.
٢٨٢٣ - فَصْل:[التدرج في تشريع الجهاد]
وقد كان النبيّ ﷺ أمر في ابتداء الشريعة باحتمال أذيتهم والصبر عليه لقوله تعالى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ [الأعراف: ١٩٩].
ثمّ أمر بمخالفتهم (٤) ومجادلتهم ودعائهم بالقول فقال تعالى: ﴿وَجَادِلْهُمْ
(١) "السير هو جمع سيرة: وهي الطريقة في الأمور. وفي الشرع عبارة عن: الاقتداء بما يختص بسيرة النبي ﷺ في مغازيه. والسير هاهنا: هو الجهاد للعدو". الجوهرة ٢/ ٣٢٩. (٢) "الجهاد لغة: مصدر من جاهد في سبيل الله.
وشرعًا: الدعاء إلى الدين الحق، وقتال من لم يقبله". اللباب مع الجوهرة ٢/ ٣٢٩. (٣) رواه البخاري (٨)؛ ومسلم (١٦)، والحديث مشهور وليس فيه ذكر الجهاد. (٤) سقطت هذه الكلمة من ب.