أما ما كان له عين [مرئية] فإن العلم بزواله يعلم بالمشاهدة، فإذا زالت العين زال حكمها إلّا أن يبقى من أثرها، وما لا يمكن إزالته فلا يضره؛ ولما روي أنّ النبيّ ﷺ قال في دم الحيض:"اغسليه ولا يضرك أثره"(١).
وأمّا ما لا عين له [مرئية] فلا يعلم زواله بيقين، فوجب الرجوع إلى غالب الظنّ، وقد قال ﷺ في المستيقظ من منامه:"لا يغمسّ يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثًا"(٢)، فاعتبر ثلاثًا ولم يعتبر المكاثرة
٩٧ - [فَصْل: وقوع ما له دم سائل في الماء]
فأمّا ما وقع في الماء الذي يكون في الأواني مما له دم سائل، وهو يعيش في الماء، فمات فيها، فسبيله سبيل النجاسة المائعة في تنجيس في تنجيس الماء.
قال ﵁: وجملة هذا أنّ الحيوان على ضربين: منه ماله دم سائل، ومنه ما ليس له دم سائل:
فأما الذي لا دم له سائل كالبَقّ، والذُّباب، والزَّنابير إذا مات في الماء، لم ينجس بموته، ولم ينجس ما يموت فيه (٣).
وقال الشافعي: ينجس بالموت، وينجس ما يموت فيه، إلا ما خلق منه (٤).
(١) رواه أحمد في المسند ٢/ ٣٦٤، والبيهقي في الكبرى ٢/ ٤٠٨، من رواية أبي هريرة. (٢) سبق تخريجه. (٣) انظر: الجامع الصغير (مع النافع الكبير) ص ٥٧. (٤) ومذهب مالك وأحمد مثل مذهب الأحناف؛ بأنه لا يفسد الماء، وما ذكره عن الشافعي قول له،=